العظيمة التي هي دعوى الربوبية. فلا بد من تنبيهه على طغيانه بالدلائل العقلية، التي صدقتها المعجزات.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة طه (٢٠) : الآيات ٢٥ الى ٢٨]
قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (٢٥) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (٢٦) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي (٢٧) يَفْقَهُوا قَوْلِي (٢٨)
قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي إنما سأل ذلك، لما كان يتخوفه من آل فرعون في القتيل. ولما بعث به من صدع جبار عنيد، أطغى الملوك وأبلغهم تمردا وكفرا، مما يحوج إلى عناية ربانية. وسأل أن يمدّ بمنطق فصيح، لما في لسانه من عقدة كانت تمنعه من كثير من الكلام كما قال وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً [القصص: ٣٤] ، وقول فرعون وَلا يَكادُ يُبِينُ [الزخرف: ٥٢] ، ثم سأل عليه السلام ربه أن يعينه بأخيه هارون، ليكون له ردءا، ويتكلم عنه بكثير مما لا يفصح به لسانه، بقوله:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة طه (٢٠) : الآيات ٢٩ الى ٣١]
وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي (٢٩) هارُونَ أَخِي (٣٠) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (٣١)
وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي أي قوّ به ظهري.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة طه (٢٠) : الآيات ٣٢ الى ٣٥]
وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (٣٢) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً (٣٣) وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً (٣٤) إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً (٣٥)
وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً وَنَذْكُرَكَ كَثِيراً أي كي نتعاون على تسبيحك وذكرك. لأن التعاون- لأنه مهيج الرغبات- يتزايد به الخير ويتكاثر إِنَّكَ كُنْتَ بِنا بَصِيراً أي عالما بأحوالنا، وبأن المدعوّ به مما يفيدنا.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة طه (٢٠) : الآيات ٣٦ الى ٣٧]
قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى (٣٦) وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى (٣٧)
قالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى أي أجيب دعاؤك. وقوله تعالى وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى كلام مستأنف مسوق لتقرير ما قبله، وزيادة توطين نفس موسى عليه السلام بالقبول، ببيان أنه تعالى حيث أنعم عليه بتلك النعم التامة من غير سابقة