للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ إلى طاعته، أو إلى مكان أمر الله وَإلى رَسُولِهِ بالمدينة ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ أي: في الطريق قبل أن يصل إلى المقصد فَقَدْ وَقَعَ أي ثبت أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ أي: فلا يخاف فوات أجره الكامل، لأنه نوى مع الشروع في العمل. ولا تقصير منه في عدم إتمامه وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً فيغفر له ما فرط منه من الذنوب التي جملتها القعود عن الهجرة إلى وقت الخروج. ويرحمه بإكمال ثواب هجرته.

[تنبيهات:]

الأول- فيما روي في نزول الآية. أخرج ابن أبي حاتم وأبو يعلى بسند جيد عن ابن عباس قال: خرج ضمرة بن جندب من بيته مهاجرا. فقال لأهله: احملوني فأخرجوني من أرض المشركين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فمات في الطريق قبل أن يصل إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم. فنزل الوحي: وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ ... الآية. وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير عن أبي ضمرة الزرقيّ، الذي كان مصاب البصر، وكان بمكة. فلما نزلت: إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً، فقال:

إني لغنيّ وإني لذو حيلة. فتجهز يريد النبيّ صلى الله عليه وسلم. فأدركه الموت بالتنعيم. فنزلت هذه الآية: وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ ... إلى آخرها. وأخرج ابن جرير «١» نحو ذلك من طرق، عن سعيد بن جرير وعكرمة وقتادة والسدّيّ والضحاك وغيرهم. وسمي في بعضها ضمرة بن العيص، أو العيص بن ضمرة. وفي بعضها جندب بن ضمرة الجندعيّ. وفي بعضها الضمريّ. وفي بعضها رجل من بني ضمرة. وفي بعضها رجل من خزاعة. وفي بعضها رجل من بني ليث. وفي بعضها من بني كنانة. وفي بعضها من بني بكر.

وأخرج ابن سعد في الطبقات عن يزيد بن عبد الله بن قسيط أن جندع بن ضمرة الضمريّ كان بمكة. فمرض. فقال لبنيه: أخرجوني من مكة فقد قتلني غمها.

فقالوا: إلى أين؟ فأومأ بيده نحو المدينة. يريد الهجرة. فخرجوا به. فلما بلغوا أضاة بني غفار، مات. فأنزل الله فيه: وَمَنْ يَخْرُجْ ... الآية.


(١) عن سعيد بن جبير الأثر رقم ١٠٢٨٢ ورقم ١٠٢٨٣.
وعن عكرمة الأثر رقم ١٠٢٨٧ و ١٠٢٩١ و ١٠٢٩٢.
وعن قتادة الأثر رقم ١٠٢٨٥ و ١٠٢٨٦.
وعن السدّيّ الأثر رقم ١٠٢٩٠.
وعن الضحاك الأثر رقم ١٠٢٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>