للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرفوع عليه، أي أعني الذين أو هم الذين يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ أي الذي أرسل إلى الخلائق لتكميلهم النَّبِيَّ أي الذين نبئ بأكمل الاعتقادات، والأعمال والأخلاق والأحوال والمقامات من جهة الوحي الْأُمِّيَّ أي الذي لم يحصل علما من بشر الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً أي باسمه (محمد وأحمد) ونعوته عِنْدَهُمْ زيد هذا لزيادة التقرير، وأن شأنه عليه الصلاة والسلام حاضر عندهم لا يغيب عنهم أصلا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ يعني الإيمان بالله. ووحدانيته والشرائع ومكارم الأخلاق، لأن جميع ذلك تعرف صحته إما بالعقل وإما بالشرع وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ يعني الكفر والشرك والمعاصي ومساوئ الأخلاق، لأن العقل والشرع ينكره وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ أي التي حرمت عليهم لمعاصيهم وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ أي التي كانوا يتناولونها كالخنزير والميتة والدم- هذا في باب المأكولات وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ أي الأمر الذي يثقل عليهم من التكاليف الشاقة وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ جمع (غلّ) بالضم، وهو ما يوضع في العنق أو اليد من الحديد، يستعار للشرائط الحرجة والمواثيق الشديدة، أي يخفف عنهم ما كلفوه منها- وهذا في باب العبادات فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ أي بالنبيّ الأمي وهو محمد صلّى الله عليه وسلّم وَعَزَّرُوهُ أي عظموه ووقروه وَنَصَرُوهُ أي على أعدائه في الدين فمنعوهم عنه وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ وهو القرآن، فأحلوا حلاله، وحرّموا حرامه.

ولا يقال: القرآن أنزل مع جبريل، فما معنى أُنْزِلَ مَعَهُ؟ لأن المراد أنزل مع نبوّته، لأن استنباءه كان مصحوبا بالقرآن مشفوعا به، ويجوز أن يعلق ب اتَّبَعُوا أي واتبعوا القرآن المنزل مع اتباع النبي، والعمل بسنته، وبما أمر ونهى عنه، فيكون أمرا بالعلم بالكتاب والسنة، أو هو حال، أي اتبعوا القرآن كما اتبعه، مصاحبين له في اتباعه. وفي التعبير عن القرآن ب النُّورَ المنبئ عن كونه ظاهرا بنفسه لإعجازه، ومظهرا لغيره من الأحكام، لمناسبة الاتباع أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ الفائزون بالرحمة، والناجون من النقمة.

[تنبيهات:]

الأول- يظهر من سياق الآية أن قوله تعالى: قالَ عَذابِي ... إلخ جواب لموسى عليه السلام، وذلك أنه دعا بالمغفرة لقومه أجمعين، كتابه حسنتي الدنيا والآخرة لهم، فأجيب أولا بأن ذلك لا يحصل لقومه كلهم، برّا أو فاجرا، لما سبق من تقديره سبحانه العذاب لمن يشاء من الفجار حكمة منه وعدلا. ولذلك قرأ الحسن

<<  <  ج: ص:  >  >>