وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ أي: مع أصحابك شهيدا وأنتم تخافون العدوّ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ أي: أردت أن تقيم بهم الصلاة بالجماعة التي، لوفور أجرها، بتحمل مشاقها فَلْتَقُمْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ في الصلاة. أي بعد أن جعلتم طائفتين. ولتقف الطائفة الأخرى بإزاء العدوّ ليحرسوكم منهم. وإنما لم يصرح به لظهوره وَلْيَأْخُذُوا أي الطائفة التي قامت معك أَسْلِحَتَهُمْ معهم لأنه أقرب للاحتياط فَإِذا سَجَدُوا أي: القائمون معك، سجدتي الركعة الأولى وأتموا الركعة، فارقوك وأتموا صلاتهم.
وتقوم إلى الثانية منتظرا. فإذا فرغوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ أي: فلينصرفوا إلى مقابلة العدوّ للحراسة وَلْتَأْتِ طائِفَةٌ أُخْرى لَمْ يُصَلُّوا وهي الطائفة الواقعة تجاه العدوّ فَلْيُصَلُّوا ركعتهم الأولى مَعَكَ وأنت في الثانية. فإذا جلست منتظرا، قاموا إلى ثانيتهم وأتموها ثم جلسوا ليسلموا معك. ولم يبين في الآية الكريمة حال الركعة الرابعة الباقية لكل من الطائفتين اكتفاء ببيانه صلى الله عليه وسلم لهم. كما يأتي وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ أي: تيقظهم. لأن العدوّ يتوهمون في الأولى كون المسلمين قائمين في الحرب. فإذا قاموا إلى الثانية ظهر لهم أنهم في الصلاة فههنا ينتهزون الفرصة في الهجوم عليهم. فلذا خص هذا الموضع بزيادة تحذير فقال: وليأخذوا حذرهم وجعله كالآلة، فأمر بأخذه وعطف عليه وَأَسْلِحَتَهُمْ قال الواحديّ: فيه رخصة للخائف في الصلاة بأن يجعل بعض فكره في غير الصلاة. قال أبو السعود: وتكليف كل من الطائفتين بما ذكر، لما أن الاشتغال بالصلاة مظنة لإلقاء السلاح والإعراض عن غيرها، ومئنّة لهجوم العدوّ. كما ينطق به قوله تعالى وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أي تمنوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ فتضعونها وَأَمْتِعَتِكُمْ أي: حوائجكم التي بها بلاغكم فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً واحِدَةً أي يحملون حملة واحدة فيقتلونكم. فهذا علة الأمر