للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم يحدّ الحد الواجب. كما

روى مسلم «١» في صحيحه عن عليّ رضي الله عنه، أن أمة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم زنت. فأمرني أن أجلدها. فأتيتها فإذا هي حديثة عهد بنفاس.

فخشيت إن جلدتها أن أقتلها، فذكرت ذلك لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم. فقال: أحسنت.

اتركها حتى تماثل.

انتهى كلام ابن القيم.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة ص (٣٨) : آية ٤٥]]

وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ (٤٥)

وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ أي ذوي القوة في العبادة والأفكار في معرفة الله تعالى. قال القاشانيّ: أي العمل والعلم، لنسبة الأول إلى الأيدي والثاني إلى البصر والنظر، وهم أرباب الكمالات العملية والنظرية.

قال الشهاب: (الأيدي) مجاز عن القوة، مجاز مرسل. و (الأبصار) جمع بصر بمعنى بصيرة. وهو مجاز أيضا، لكنه مشهور فيه. وإذا أريد ب (الأيدي) الأعمال، فهو من ذكر السبب وإرادة المسبب. و (الأبصار) بمعنى البصائر مجاز عما يتفرع عليها من المعارف كالأول أيضا. وعلى الوجهين، فيه تعريض بأن من ليس كذلك، كان لا جارحة له ولا بصر. انتهى.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة ص (٣٨) : آية ٤٦]]

إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ (٤٦)

إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ أي صفيناهم عن شوب صفات النفوس وكدورة حظوظا.

وجعلناهم لنا خالصين بالمحبة الحقيقية بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ أي الباقية والمقر الأصليّ، أي استخلصناهم لوجهنا بسبب تذكرهم لعالم القدس، وإعراضهم عن معدن الرجس، مستشرفين لأنوارنا، لا التفات لهم إلى الدنيا وظلماتها أصلا.

[لطيفة:]

قال السمين: قرأ نافع وهشام: بِخالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ بالإضافة. وفيها أوجه:

أحدها- أن يكون أضاف خالصة إلى ذكرى للبيان. لأن الخاصة قد تكون ذكرى وغير ذكرى. كما قوله: بِشِهابٍ قَبَسٍ [النمل: ٧] ، لأن الشهاب يكون قبسا وغيره.

الثاني- أن الخالصة مصدر بمعنى إخلاص، فيكون مصدرا مضافا لمفعوله، والفاعل


(١) أخرجه في: الحدود، حديث رقم ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>