وهُنالِكَ يجوز فيه ثلاثة أوجه: أحدها- أن يكون خبرا ل (جند) و (ما) مزيدة ومَهْزُومٌ نعت ل (جند) . الثاني- أن يكون صفة ل (جند) . الثالث- أن يكون منصوبا ب (مهزوم) . ومَهْزُومٌ يجوز فيه أيضا وجهان: أحدهما- أنه خبر ثان لذلك المبتدأ المقدر، والثاني أنه صفة ل (جند) . وهُنالِكَ مشار به إلى موضع التقاول والمحاورة بالكلمات السابقة، وهو مكة. أي سيهزمون بمكة. وهو إخبار بالغيب. وقيل: مشار به إلى نصرة الإسلام. وقيل: إلى حفر الخندق، يعني إلى مكان ذلك. الثاني من الوجهين الأولين أن يكون (جند) مبتدأ و (ما) مزيدة وهُنالِكَ نعت ومَهْزُومٌ خبره. وفيه بعد، لتفلّته عن الكلام الذي قبله. انتهى.
[فائدة:]
روى ابن عباس في هذه الآية أنه لما مرض أبو طالب دخل عليه رهط من قريش فيهم أبو جهل. فقالوا إن ابن أخيك يشتم آلهتنا ويفعل ويفعل. ويقول ويقول. فلو بعثت إليه فنهيته! فبعث إليه. فجاء النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فدخل البيت وبينهم وبين أبي طالب قدر مجلس رجل. قال فخشي أبو جهل لعنه الله. إن جلس إلى جنب أبي طالب، أن يكون أرق له عليه. فوثب فجلس في ذلك المجلس. ولم يجد رسول الله صلّى الله عليه وسلم مجلسا قرب عمه. فجلس عند الباب، فقال له أبو طالب: أي ابن أخي! ما بال قومك يشكونك! يزعمون أنك تشتم آلهتهم وتقول وتقول. قال، وأكثروا عليه من القول.
وتكلم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا عم إني أريدهم على كلمة واحدة يقولونها. تدين لهم بها العرب. وتؤدي إليهم بها العجم الجزية. ففزعوا لكلمته ولقوله. فقال القوم:
كلمة واحدة؟ نعم، وأبيك عشرا. فقالوا: وما هي؟ وقال أبو طالب: وأي كلمة هي يا ابن أخي؟ قال صلّى الله عليه وسلم: لا إله إلا الله. فقاموا فزعين ينفضون ثيابهم وهم يقولون:
أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ ونزلت الآية. رواه ابن جرير والإمام أحمد والنسائيّ، والترمذيّ
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ أي قبل قريش قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وهم قوم هود وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ أي الملك الثابت. وأصله البيت المطنّب، أي المربوطة أطنابه- أي حباله- بأوتاده. استعير للملك استعارة تصريحية. وصف به فرعون مبالغة بجعله عين ملكه. أو شبه فرعون في ثبات ملكه بذي بيت ثابت أقيم عموده وثبتت أوتاده. على