أي فرعون آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ أي فاتفقتم معه ليكون لكم الملك فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ أي من جانبين متخالفين وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ أي التي هي أقوى الأخشاب وأخشنها وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى يعني أنكم إنما آمنتم برب موسى خوفا من شدة عذابه. أو من تخليده في العذاب وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً وَأَبْقى فإن رب موسى لم يقطع من أحد يده ورجله من خلاف، ولم يصلبه في جذوع النخل، ولم يبقه مصلوبا، قاله المهايميّ. وضعّفه الزمخشري بأن فرعون يريد نفسه وموسى عليه السلام، بدليل قوله: آمَنْتُمْ لَهُ أي لموسى. واللام مع الإيمان، في كتاب الله، لغير الله تعالى كقوله تعالى: يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وقصده إظهار اقتداره وبطشه، وما ضرى به من تعذيب الناس بأنواع العذاب. وتوضيع موسى عليه السلام واستضعافه مع الهزء به، لأن موسى لم يكن قط من التعذيب في شيء.
قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالَّذِي فَطَرَنا فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا (٧٢)
قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ أي نختارك بالإيمان والاتباع عَلى ما جاءَنا أي من الله على يد موسى مِنَ الْبَيِّناتِ وَالَّذِي فَطَرَنا أي وعلى الذي خلقنا. واختيار هذا الوصف للإشعار بعلة الحكم. فإن خالقيته تعالى لهم، وكون فرعون من جملة مخلوقاته، مما يوجب عدم إيثارهم له عليه، سبحانه وتعالى. وهذا جواب منهم لتوبيخ فرعون بقوله آمَنْتُمْ لَهُ وقيل هو قسم محذوف الجواب فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ أي اصنع ما أنت صانعه. وهذا جواب عن تهديده بقوله فَلَأُقَطِّعَنَّ إلخ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا أي فيها وهي لا بقاء لها، ولا سلطان لك بعدها.