للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولينظر تتمة هذا البحث في الرسالة المذكورة. فإن الوقوف عليها من المهمات. إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ أي نعم ما يأمركم به من أداء الأمانات والحكم بالعدل بين الناس وغير ذلك من أوامره وشرائعه الكاملة العظيمة. و (ما) إما منصوبة موصوفة ب (يعظكم) أو مرفوعة موصولة. كأنه قيل نعم شيئا يعظكم به. أو نعم الشيء الذي يعظكم به. والجملة مستأنفة مقررة لما قبلها متضمنة لمزيد لطف بالمخاطبين وحسن استدعائهم إلى الامتثال بالأمر إِنَّ اللَّهَ كانَ سَمِيعاً لأقوالكم في الأمانات والأحكام بَصِيراً بأفعالكم فيهما. فإن سمع ورأى خيرا جازاكم عليه خير الجزاء.

وإن سمع ورأى شرّا جازاكم عليه. فهو وعد ووعيد. وروى ابن أبي حاتم بسنده عن أبي يونس قال: سمعت أبا هريرة يقرأ هذه الآية: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها إلى قوله- سَمِيعاً بَصِيراً. ويضع إبهامه على أذنه، والتي تليها على عينه ويقول: هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها ويضع إصبعه.

وقال أبو زكريا: وصفه لنا المقري ووضع أبو زكريا إبهامه الأيمن على عينه اليمنى. والتي تليها على الأذن اليمنى. وأرانا، فقال: هكذا. وهكذا رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه وابن مردويه في تفسيره.

وأبو يونس هذا مولى أبي هريرة. واسمه سليم بن جبير. أفاده ابن كثير.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ٥٩]]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً (٥٩)

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ اعلم أنه تعالى، لما أمر الرعاة والولاة بأداء الأمانات إلى أهلها والحكم بالعدل، أمر الرعية من الجيوش وغيرهم بطاعة أولي الأمر الفاعلين لذلك في قسمهم وحكمهم ومغازيهم وغير ذلك. إلا أن يأمروا بمعصية الله فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

قال الرازيّ: قال عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: حقّ على الإمام أن يحكم بما أنزل الله ويؤدي الأمانة. فإذا فعل ذلك فحق على الرعية أن يسمعوا ويطيعوا

. وقد روى الطبريّ «١» بسند صحيح عن أبي هريرة: إن أولي الأمر هم الأمراء. واحتج له


(١) الأثر رقم ر ٩٨٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>