للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أجمع المسلمون على هذا.

ثم قال ابن تيمية رحمه الله: القسم الثاني- أمانات الأموال كما قال الله تعالى في الديون: فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ [البقرة: ٢٨٣] . ويدخل في هذا القسم الأعيان والديون الخاصة والعامة. مثل رد الودائع ومال الشريك والموكل والمضارب ومال المولى من اليتيم وأهل الوقف ونحو ذلك. وكذلك وفاء الديون من أثمان المبيعات وبدل القرض وصدقات النساء وأجور المنافع ونحو ذلك. وقد قال الله تعالى: إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ- إلى قوله- وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ [المعارج: ١٩- ٣٢] . وقال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً [النساء: ١٠٥] . أي لا تخاصم عنهم.

وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم «١» : «المؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم. والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده. والمهاجر من هاجر ما نهى الله عنه. والمجاهد من جاهد نفسه في ذات الله» .

وهو حديث صحيح، بعضه في الصحيحين وبعضه في سنن الترمذيّ.

وقال النبيّ صلى الله عليه وسلم «٢» : من أخذ أموال الناس يريد أداءها أداها الله عنه ومن أخذ يريد إتلافها أتلفه الله. رواه البخاريّ.

وإذا كان الله تعالى قد أوجب أداء الأمانات التي قبضت بحق، ففيه تنبيه على وجوب أداء الغصب والسرقة والخيانة ونحو ذلك من المظالم. وكذلك أداء العارية.


وقال بعضهم: بل لم يسمع. حتى إذا قضى حديثه قال «أين أراه السائل عن الساعة؟» قال: ها أنا يا رسول الله! قال «فإذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة» قال: كيف إضاعتها؟ قال «إذا وسّد الأمر إلى غير أهله، فانتظر الساعة» .
(١)
جاء في الترمذيّ في: الإيمان، ١٢- باب ما جاء في أن المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده.
والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم» .
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح. [.....]
(٢) أخرجه البخاريّ في: الاستقراض وأداء الديون، ٢- باب من أخذ أموال الناس يريد أداءها أو إتلافها، حديث ١١٨٨، عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>