قوله أَتُجادِلُونَنِي على أن المبطل مذموم في جداله، والواجب عليه النظر ليعرف الحق. انتهى.
وقال القاضي: بين تعالى أن منتهى حجتهم وسندهم، أن الأصنام تسمى آلهة من غير دليل يدل على تحقيق المسمى، وإسناد الإطلاق إلى من لا يؤبه بقوله، إظهارا لغاية جهالتهم، وفرط غباوتهم.
فَانْتَظِرُوا أي: نزول العذاب الذي طلبتموه بقولكم فَأْتِنا بِما تَعِدُنا، لأنه وضح الحق، وأنتم مصرّون على العناد إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ أي: لما يحل بكم.
قال المهايمي: جاء منتظرهم بحيث لا ينجو منه، بمجرى العادة، أحد، وجعل من قبيل الريح التي تتقدم الأمطار، لكفرهم برياح الإرسال.
فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ أي: من آمن به، على خرق العادة بِرَحْمَةٍ مِنَّا ليدل على رحمتنا عليهم في الآخرة وَقَطَعْنا دابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا أي استأصلناهم.
قال الشهاب: قطع الدابر، كناية عن الاستئصال إلى إهلاك الجميع، لأن المعتاد في الآفة إذا أصابت الآخر أن تمرّ على غيره، والشيء إذا امتد أصله أخذ برمته. والدابر بمعنى الآخر وَما كانُوا مُؤْمِنِينَ عطف على كَذَّبُوا داخل معه في حكم الصلة.
قال الزمخشري: فإن قلت: ما فائدة نفي الإيمان عنهم في قوله: وَما كانُوا مُؤْمِنِينَ مع إثبات التكذيب بآيات الله؟ قلت: هو تعريض بمن آمن منهم، كمرثد ابن سعد، ومن نجا مع هود عليه السلام، كأنه قال: وقطعنا دابر الذين كذبوا منهم، ولم يكونوا مثل من آمن منهم، ليؤذن أن الهلاك خص المكذبين، ونجى الله المؤمنين. انتهى-.
قال الطيبي: يعني إذا سمع المؤمن أن الهلاك اختص بالمكذبين، وعلم أن سبب النجاة هو الإيمان لا غير، تزيد رغبته فيه، ويعظم قدره عنده- انتهى-.
قال ابن كثير: قد ذكر الله سبحانه صفة إهلاكهم في أماكن أخر من القرآن،