للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك تقرير بقوة علم الجدل، فلا يبقى إلا السكوت أو التمسك بالأيمان، وترك إقامة البرهان.

ثانيها- أن العرب كانت تحترز عن الأيمان الكاذبة، وتعتقد أنها تدع الديار بلاقع. ثم إن النبيّ صلى الله عليه وسلم أكثر من الأيمان بكل شريف، ولم يزده ذلك إلا رفعة وثباتا.

وكان يحصل لهم العلم بأنه لا يحلف بها كاذبا، وإلا لأصابه شؤم الأيمان، ولناله المكروه في بعض الأزمان.

ثالثها- أن الأيمان التي أقسم الله تعالى بها، كلها دلائل أخرجها في صورة الأيمان. مثاله قول القائل لمنعمه: وحق نعمك الكثيرة إني لا أزال أشكرك. فيذكر النعم، وهي سبب مفيد لدوام الشكر، ويسلك مسلك القسم. كذلك هذه الأشياء كلها دليل على قدرة الله تعالى على الإعادة.

فإن قيل: فلم أخرجها مخرج الأيمان؟ نقول: لأن المتكلم إذا شرع في أول كلامه بحلف، يعلم السامع أنه يريد أن يتكلم بكلام عظيم، فيصغي إليه أكثر من أن يصغي إليه حيث يعلم أن الكلام ليس بمعتبر، فبدأ بالحلف، وأدرج الدليل في صورة اليمين، حيث أقبل القوم على سماعه، فخرج لهم البرهان المبين، والتبيان المتين، في صورة اليمين. انتهى. وقوله تعالى:

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الذاريات (٥١) : الآيات ٥ الى ٦]

إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ (٥) وَإِنَّ الدِّينَ لَواقِعٌ (٦)

إِنَّما تُوعَدُونَ لَصادِقٌ جواب القسم و (ما) موصولة أو مصدرية. والموعود هو قيام الساعة، وبعث الموتى من قبورهم. و (صادق) بمعنى صدق. فوضع الاسم مكان المصدر، أو هو من باب (عيشة راضية) . وَإِنَّ الدِّينَ أي الجزاء على الأعمال. إن خيرا فخير، وإن شرّا فشر لَواقِعٌ أي لحاصل. قال قتادة: وذلك يوم القيامة، يوم يدين الله العباد بأعمالهم.

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الذاريات (٥١) : الآيات ٧ الى ٩]

وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ (٧) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (٨) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ (٩)

وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ أي الطرق المختلفة التي هي دوائر سير الكواكب.

و (الحبك) أصل معناها ما يرى كالطريق في الرمل والماء، إذا ضربته الريح.

<<  <  ج: ص:  >  >>