بولدها. حيث أوصى الوالدين بأولادهم. فعلم أنه أرحم بهم منهم. كما جاء
في الحديث الصحيح «١»
وقد رأى امرأة من السبي، فرق بينها وبين ولدها فجعلت تدور على ولدها. فلما وجدته من السبي أخذته فألصقته بصدرها وأرضعته. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: أترون هذه طارحة ولدها في النار وهي تقدر على ذلك؟ قالوا: لا.
يا رسول الله. قال: فو الله! لله أرحم بعباده من هذه بولدها
. فَإِنْ كُنَّ أي الأولاد.
والتأنيث باعتبار الخبر وهو قوله تعالى: نِساءً يعني بنات خلصا ليس معهن ذكر فَوْقَ اثْنَتَيْنِ خبر ثان أو صفة لنساء. أي نساء زائدات على اثنتين فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ أي المتوفى المدلول عليه بقرينة المقام.
[تنبيه:]
ظاهر النظم القرآنيّ أن الثلثين فريضة الثلاث من البنات فصاعدا حيث لا ذكر معهن ولم يسم للبنتين فريضة. وقد اختلف أهل العلم في فريضتهما. فذهب الجمهور إلى أن لهما، إذا انفردتا عن البنين، الثلثين. وذهب ابن عباس إلى أن فريضتهما النصف. احتج الجمهور بالقياس على الأختين. فإن الله سبحانه قال في شأنهما: فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ. فألحقوا البنتين بالأختين في استحقاقهما الثلثين. كما ألحقوا الأخوات، إذا زدن على اثنتين، بالبنات، في الاشتراك في الثلثين. وقيل: في الآية ما يدل على أن للبنتين الثلثين. وذلك أنه لما كان للواحدة مع أخيها الثلث، كان للابنتين، إذا انفردتا، الثلثان. هكذا احتج بهذه الحجة إسماعيل بن عياش والمبرّد. قال النحاس: وهذا الاحتجاج عند أهل النظر غلط. لأن الاختلاف في البنتين إذا انفردتا عن البنين. وأيضا للمخالف أن يقول: إذا ترك بنتين وابنا فللبنتين النصف. فهذا دليل على أن هذا فرضهما. ويمكن تأييد ما احتج به الجمهور بأن الله سبحانه لما فرض للبنت الواحدة النصف إذا انفردت، بقوله: وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ، كان فرض البنتين، إذا انفردتا، فوق فرض الواحدة. وأوجب القياس على الأختين الاقتصار للبنتين على الثلثين. وقيل إن (فوق) زائدة. والمعنى: إن كن نساء اثنتين. كقوله تعالى: فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ [الأنفال: ١٢] ، أي الأعناق. ورد هذا النحاس وابن عطية. فقالا: هو خطأ.
لأن الظروف وجميع الأسماء لا يجوز في كلام العرب أن تزاد لغير معنى. قال ابن عطية: ولأن قوله (فوق الأعناق) هو الفصيح وليست (فوق) زائدة بل هي محكمة