ذلِكَ أي المذكور من فعله تعالى بالفريقين ما فعله كائن بِأَنَّ الَّذِينَ أي بسبب أن الذين كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْباطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ أي يشبه لهم الأشباه، فيلحق بكل قوم من الأمثال أشكالا.
قال الزمخشريّ: فإن قلت: أين ضرب الأمثال؟ قلت: في أن جعل اتباع الباطل مثلا لعمل الكفار. واتباع الحق مثلا لعمل المؤمنين. أو في أن جعل الإضلال مثلا لخيبة الكفار، وتكفير السيئات مثلا لفوز المؤمنين. انتهى.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة محمد (٤٧) : آية ٤]]
فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقابِ لما كان طليعة هذه السورة تمهيدا لجهاد المشركين الساعين في الأرض بالفساد، الصادّين عن منهج الرشاد، وبعثا على الصدق في قتالهم، كسحا لعقبة باطلهم، عملا بما يوجبه الإيمان ويفرضه الإيقان، وتمييزا لأولياء الرحمن من أولياء الشيطان، تأثر تلك الطليعة بهذه الجملة. ولذا قال أبو السعود: الفاء لترتيب ما في حيّزها من الأمر على ما قبلها. فإن ضلال أعمال الكفرة وخبثهم، وصلاح أحوال المؤمنين وفلاحهم، مما يوجب أن يرتب على كل من الجانبين ما يليق به من الأحكام. أي: فإذا كان الأمر كما ذكر، فإذا لقيتموهم في المحاربة، فضرب الرقاب. وأصله: فاضربوا الرقاب ضربا. فحذف الفعل، وقدم المصدر، وأنيب منابه مضافا إلى المفعول. وفيه اختصار وتأكيد بليغ. والتعبير به عن القتل، تصوير له بأشنع صورة، وتهويل لأمره، وإرشاد للغزاة إلى أيسر ما يكون