رعاية هذه النكتة فيما وقع هنا، وحكاية ما جاء بالمعنى.
هذا وقال الشهاب الخفاجي: فيما ذكروه نظر لأنه إنما يتم إذا كان الخطاب بلفظ عربي أو مرادف له، يجري فيه ما يجري فيه. والأول خلاف الواقع. والثاني دونه خرط القتاد، فتأمل.
أقول إنما استبعد الثاني، لتوهم أن لا بلاغة ولا نكات إلا في اللغة العربية. مع أن الأمر ليس كذلك. وحينئذ فيتعين الثاني. وهو ظاهر. وبه تستعاد تلك اللطائف.
ثم أشار تعالى إلى عنايته بموسى وقومه، من إنجائهم وإهلاك عدوهم، وقد طوى هنا ما فصل في آيات أخر بقوله سبحانه:
وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي أي سر بهم من مصر ليلا فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً أي يابسا. فضرب موسى بعصاه البحر فانفلق وجاوزه إلى ساحله لا تَخافُ دَرَكاً أي لا تخاف من فرعون وجنوده أن يدركوك من ورائك وَلا تَخْشى أي غرقا من بين يديك، ووحلا.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة طه (٢٠) : الآيات ٧٨ الى ٧٩]
فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ لأنه ندم على الإذن بتسريحهم من مصر، وأنهم قهروه على قلتهم كما قال: إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ وَإِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ [الشعراء: ٥٤- ٥٥] ، فتبعهم ومعه جنوده حتى لحقوهم، ونزلوا في الطريق الذي سلكوه. ففاجأهم الموج كما قال تعالى: فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ أي علاهم منه وغمرهم، ما لا يحاط بهوله وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَما هَدى أي أوردهم الهلاك،؟ لعتوّه وعناده في الدنيا والآخرة. وما هداهم سبيل الرشاد.
ثم ذكر تعالى نعمه على بني إسرائيل ومننه الكبرى، وما وصاهم من المحافظة على شكرها، وحذرهم من التعرض لغضبه بكفرها، بقوله سبحانه: