للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنفال (٨) : آية ٤٥]]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٤٥)

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا أي إذا حاربتم جماعة فاثبتوا للقائهم واصبروا على مبارزتهم، فلا تفروا ولا تجبنوا ولا تنكلوا. وتفسير (اللقاء) ب (الحرب) لغلبته عليه، كالنزال ولم يصف الفئة بأنها كافرة، لأنه معلوم غير محتاج إليه وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً أي في مواطن الحرب، مستظهرين بذكره مستنصرين به، داعين له على عدوّكم لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ أي تظفرون بمرادكم من النصرة والمثوبة.

وقد ثبت في الصحيحين «١» عن عبد الله بن أبي أوفى أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في بعض أيامه، التي لقي فيها العدوّ انتظر حتى مالت الشمس. ثم قام في الناس فقال:

«يا أيها الناس! لا تتمنوا لقاء العدوّ، وسلوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف» .

ثم قال: اللهم! منزل الكتاب. ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم.

وفي الآية إشعار بأن على العبد ألا يفتر عن ذكر ربه، أشغل ما يكون قلبا، وأكثر ما يكون همّا، وأن يلتجئ إليه عند الشدائد، ويقبل إليه بكليته، فارغ البال، واثقا بأن لطفه لا ينفك عنه في حال من الأحوال.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنفال (٨) : آية ٤٦]]

وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (٤٦)

وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ أي في كل ما يأمران به وينهيان، وهذا عامّ،


(١) أخرجه البخاري في: الجهاد، ١١٢- باب كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال حتى تزول الشمس، حديث رقم ١٣٤٦.
وأخرجه مسلم في: الجهاد والسير، حديث رقم ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>