للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما في يوم أحد فالدلالة على أنهم لم يمدّوا أبين منها في أنهم أمدوا. وذلك أنهم لو أمدوا، لم يهزموا، وينال منهم ما نيل منهم.

فالصواب فيه من القول أن يقال كما قال تعالى ذكره.

(هذا هو نص ابن جرير. صفحة ١٨٠- ١٨١ من الجزء السابع (طبعة المعارف) .

فإن قلت: فما تصنع بحديث سعد بن أبي وقاص المرويّ في الصحيحين أنه قال «١» رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد ومعه رجلان يقاتلان عنه، عليهما ثياب بيض، كأشد القتال، ما رأيتهما قبل ولا بعد، يعني جبريل وميكائيل؟ قلت: إنما كان ذلك للنبيّ صلى الله عليه وسلم خاصة، لأنه صبر ولم يهزم كما انهزم أصحابه يوم أحد- انتهى.

[فائدة:]

الإمداد، لغة الإعانة. والمراد هنا إعانة الجيش. وهل إعانة الملائكة للجيش بالقتال معهم للحديث السابق.

ولحديث عائشة في الصحيحين «٢» قالت: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق ووضع السلاح واغتسل، أتاه جبريل فقال: قد وضعت السلاح؟ والله ما وضعناه، اخرج إليهم! قال: فإلى أين؟ قال: هاهنا- وأشار إلى بني قريظة، فخرج النبيّ صلى الله عليه وسلم إليهم

- أو هي بتكثير سواد المسلمين وتثبيت قلوبهم، كما قال تعالى في الأنفال: إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا، سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ [الأنفال: ١٢] . أو بهما معا وهو الظاهر. وقد سئل السبكيّ عن الحكمة في قتال الملائكة، مع أن جبريل قادر على أن يدفع الكفار بريشة من جناحه، فأجاب بأن ذلك لإرادة أن يكون الفضل للنبيّ وأصحابه، وتكون الملائكة مددا على عادة مدد الجيوش، رعاية لصورة الأسباب التي أجراها الله تعالى في عباده. والله فاعل الجميع- انتهى-


(١) أخرجه البخاريّ في: المغازيّ، ١٨- باب إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُما وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ، حديث ١٨٧٣.
ومسلم في: الفضائل، حديث ٤٦ و ٤٧.
(٢) أخرجه البخاريّ في: المغازي، ٣٠- باب مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من الأحزاب ومخرجه إلى بني قريظة ومحاصرته إياهم، حديث ٣٠٨.
ومسلم في: الجهاد والسير، حديث ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>