للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكونه خلاف ما وجدنا عليه آباءنا. قال ابن كثير: وهكذا حال الفجار، إنما يرون لأبرار في ضلالة، كقوله وَإِذا رَأَوْهُمْ قالُوا إِنَّ هؤُلاءِ لَضالُّونَ [المطففين: ٣٢] .

وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هذا إِفْكٌ قَدِيمٌ [الأحقاف: ١١] إلى غير ذلك من الآيات.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأعراف (٧) : آية ٦١]]

قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ (٦١)

قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأعراف (٧) : آية ٦٢]]

أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (٦٢)

أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي أي: ما أوحي إليّ في الأوقات المتطاولة، أو في المعاني المختلفة، من الأوامر والنواهي، والمواعظ والزواجر، والبشائر والنذائر.

ويجوز أن يريد رسالاته إليه وإلى الأنبياء قبله من صحف جدّه، إدريس، فهذا نكتة جمع (الرسالات) ، وإلا فرسالة كل نبيّ واحدة، وهي مصدر، والأصل فيه أن لا يجمع، فجمع لما ذكر وَأَنْصَحُ لَكُمْ وأقصد صلاحكم بإخلاص وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ أي: من الأمور الغيبية التي لا تعلم إلا من طريق الوحي، أشياء لا علم لكم بها، أو أعلم من قدرته الباهرة، وشدة بطشه على أعدائه، وأن بأسه لا يردّ عن القوم المجرمين ما لا تعلمونه. قال ابن كثير: وهذا شأن الرسول أن يكون مبلّغا فصيحا ناصحا عالما بالله، لا يدركه أحد من خلق الله في هذه الصفات، كما جاء

في صحيح مسلم «١» أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لأصحابه يوم عرفة، وهم أوفر ما كانوا وأكثر


(١)
أخرجه مسلم في: الحج، حديث ١٤٧ ونصه: فخطب الناس وقال «إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا. ألا كل شيء من أمر الجاهلية، تحت قدميّ موضوع. ودماء الجاهلية موضوعة. وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث. كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل. وربا الجاهلية موضوع. وأول ربا أضع ربانا.
ربا العباس بن عبد المطلب. فإنه موضوع كله. فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله.
واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه. فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرّح. ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف. وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به. كتاب الله. وأنتم تسألون عني. فما أنتم قائلون؟» .
قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأدّيت ونصحت فقال بإصبعه السبابة، يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس «اللهم! اشهد. اللهم! اشهد» ثلاث مرات ...

<<  <  ج: ص:  >  >>