قال الزمخشري: وأينما قدرت لم تجد مع الإثبات ذوق البلاغة الذي تجده مع الحذف لما في إبهام الموصوف بحذفه، من فخامة تفقد مع إيضاحه.
وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً أي يبشر المخلصين في إيمانهم، وهم الذين يعملون الصالحات كلها، ويجتنبون السيئات أن لهم في الدنيا والآخرة ثوابا وافرا.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الإسراء (١٧) : الآيات ١٠ الى ١١]
وَأَنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ أي بالبعث والجزاء على الأعمال أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً أي في الآخرة، وهو عذاب النار.
وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ أي مثل دعائه بالخير وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا قال أبو السعود: الآية بيان لحال المهديّ إثر بيان حال الهادي. وإظهار لما بينهما من التباين. والمراد بالإنسان الجنس، أسند إليه حال بعض أفراده. أو حكى عنه حاله في بعض أحيانه. فالمعنى، على الأول: أن القرآن يدعو الإنسان إلى الخير الذي لا خير فوقه من الأجر الكبير. ويحذره من الشر الذي لا شر وراءه من العذاب الأليم، وهو- أي بعض منه وهو الكافر- يدعو لنفسه بما هو الشر من العذاب المذكور، إما بلسانه حقيقة كدأب من قال: اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ [الأنفال: ٣٢] ، ومن قال:
فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ [الأعراف: ٧٠] ، إلى غير ذلك مما حكى عنهم- وإما بأعمالهم السيئة المفضية إليه، الموجبة له مجازا. كما هو ديدن كلهم.
وقوله: وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا يعني بالإنسان من أسند إليه الدعاء المذكور من أفراده. عجولا يسارع إلى طلب ما يخطر بباله، متعاميا عن ضرره. أو مبالغا في العجلة يستعجل العذاب وهو آتيه لا محالة. ففيه نوع تهكم به. وعلى تقدير حمل الدعاء على أعمالهم، تحمل العجولية على اللج والتمادي في استيجاب العذاب بتلك الأعمال.
وعلى الثاني: أن القرآن يدعو الإنسان إلى ما هو خير. وهو في بعض أحيانه، كما عند الغضب، يدعه ويدعو الله تعالى لنفسه وأهله وماله بما هو شر. وكان