أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرى تقرير لهم مع إنكار واستبعاد.
قُلْ لا أَشْهَدُ بما تشهدون، قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ أي: بل أشهد أن لا إله إلا هو، لا يشارك في إلهيته، ولا في صفات كماله وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ يعني: الأصنام.
وفي هذه الآية.
[مسائل:]
الأولى- استدل الجمهور بقوله تعالى قُلِ اللَّهُ في جواب أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً على جواز إطلاق (الشيء) عليه تعالى. وكذا بقوله سبحانه وتعالى: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [القصص: ٨٨] . فإن المستثنى يجب أن يدخل تحت المستثنى منه، وذلك لأن الشيء أعم العامّ- كما قال سيبويه- لوقوعه على كل ما يصح أن يعلم ويخبر عنه، واختار الزمخشري شموله حتى للمستحيل. وصرح كثير من المحققين بأنه يختص بالموجود، وضعفوا من أطلقه على المعدوم، بأنه محجوج بعدم استعمال العرب ذلك، كما علم باستقراء كلامهم، وبنحو. كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ، إذ المعدوم لا يتصف بالهلاك، وبنحو: وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ [الإسراء: ٤٤] . إذ المعدوم لا يتصور منه التسبيح.
قال الناصر في (الانتصاف) : هذه المسألة معدودة من علم الكلام باعتبار مّا، وأما هذا البحث فلغويّ، والتحاكم فيه لأهل اللغة. وظاهر قولهم: غضبت من لا شيء.
إذا رأى غير شيء ظنه رجلا
أن الشيء لا ينطلق إلا على الموجود، إذ لو كان الشيء كل ما يصح أن يعلم، عدما كان أو وجودا، أو ممكنا أو مستحيلا، لما صدق على أمر ما أنه ليس بشيء، والأمر في ذلك قريب. انتهى.
هذا، وتمسك من منع إطلاقه عليه تعالى قوله تعالى: وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها [الأعراف: ١٨٠] ، والاسم إنما يحسن لحسن مسماه، وهو أن يدل على صفة من صفات الكمال، ونعت من نعوت الجلال. ولفظ (الشيء) أعمّ الأشياء،