وأما قوله المعتزلة: حديث عبد الله المتقدم- إن صح- يكون خبر واحد، في مقابلة الدليل القطعي، ومثله لا يعمل به- فالجواب: بأنه صح بلا ريب، لتخريج الشيخين له.
وإذا جاء نهر الله، بطل نهر معقل
وقولهم: في مقابلة الدليل القطعي، بهتان عظيم. ويا لله العجب من هؤلاء، قابلوا السنة الصحيحة بكناسة الرأي، ولم يستحيوا من الله تعالى ورسوله في هذه المخالفة، فأين تذهب به عقولهم؟ إلى الحق أم إلى الباطل؟ ولكن كما قال ابن سهل:
فما أضيع البرهان عند المقلّد
هذا،
وقد روى ابن مردويه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير ساره، إذ عرض له أعرابي فقال: يا رسول الله! والذي بعثك بالحق! لقد خرجت من بلادي وتلادي ومالي، لأهتدي بهداك، وآخذ من قولك، وما بلغتك حتى ما لي طعام إلا من خضر الأرض، فاعرض عليّ. فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبل. فازدحمنا حوله، فدخل خفّ بكره في بيت جرذان، فتردّى الأعرابيّ، فانكسرت عنقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق! والذي بعثني بالحق! لقد خرج من بلاده وتلاده وماله ليهتدي بهداي، ويأخذ من قولي، وما بلغني حتى ما له من طعام إلا من خضر الأرض. أسمعتم بالذي علم قليلا وأجر كثيرا؟ هذا منهم! أسمعتم ب الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ؟ فإن هذا منهم.
وفي لفظ قال: هذا عمل قليلا وأجر كثيرا.
وروى نحو الإمام أحمد «١» عن جرير بن عبد الله مطولا، وفيه بيان قوله: فاعرض عليّ، ولفظه: ما الإيمان؟ قال: تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت. قال: قد أقررت
. القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنعام (٦) : آية ٨٣]