[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النور (٢٤) : آية ١٦]]
وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ ما يَكُونُ لَنا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ (١٦)
وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ أي تكذيبا لمشيعيه ما يَكُونُ لَنا أي ما يصح لنا بوجه ما أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهذا سُبْحانَكَ هذا بُهْتانٌ عَظِيمٌ أي تنزيها لك، وبراءة إليك مما جاء به هؤلاء. فإنه بهتان عظيم يستحيل صدقه. قال الزمخشري: كلمة (سبحانك) للتعجب من عظم الأمر. فإن قلت: ما معنى التعجب في كلمة التسبيح؟ قلت: الأصل في ذلك، أن يسبح الله عند رؤية العجيب من صنائعه. ثم كثر حتى استعمل في كل متعجّب منه. أو لتنزيه الله تعالى من أن تكون حرمة نبيّه عليه السلام فاجرة. انتهى.
فعلى الأول، هو من المجاز المتفرع على الكناية، وهو كثير. وقد ذكره النووي في (الأذكار) وكذا (لا إله إلا الله) تستعمل للتعجب أيضا. وأما الصلاة على النبيّ صلى الله عليه وسلم في مقام التعجب فلم ترد ولم تسمع في لسان الشرع. وقد صرح الفقهاء بالمنع.
وإنما وقع من العوامّ وبعض المحدثين كقوله:
فمن رأى حسنه المفدّى ... في الحال صلّى على محمّد
وعلى الثاني، هو حقيقة. كذا في (العناية) .
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النور (٢٤) : الآيات ١٧ الى ١٨]
يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧) وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٨)
يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فإن الاتّصاف بالإيمان يصدّ عن كل مقبح وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ أي الدالة على الشرائع ومحاسن الآداب، دلالة واضحة لتتعظوا وتتأدبوا بها. أي ينزلها كذلك مبينة، ظاهرة الدلالة على معانيها وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ.
ثم أشار تعالى إلى تأديب ثالث لمن سمع شيئا من الكلام السيّئ، فعلق بذهنه منه شيء، ألا يتكلم به ولا يذيعه، بقوله سبحانه متوعدا:
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النور (٢٤) : آية ١٩]]
إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ (١٩)