للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالخطام، أو للتعدية. و (الناصية) مقدم الرأس. فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ قال ابن جرير: أي من تعريفه ملائكته، أهل الإجرام من أهل الطاعة منكم، حتى خصوا بالإذلال والإهانة، المجرمين دون غيرهم هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ يَطُوفُونَ بَيْنَها وَبَيْنَ حَمِيمٍ أي ماء حار آنٍ أي انتهى حره، واشتد غليانه. وكل شيء قد أدرك وبلغ فقد أنى. ومنه قوله: غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ [الأحزاب: ٥٣] ، يعني إدراكه وبلوغه فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ أي من عقوبته أهل الكفر به، وتكريمه أهل الإيمان به.

ثم تأثر ما عدد عليهم من الآلاء الدينية، والدنيوية بتعداد ما أفاض عليهم في الآخرة، بقوله:

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الرحمن (٥٥) : الآيات ٤٦ الى ٥٩]

وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ (٤٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٧) ذَواتا أَفْنانٍ (٤٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٤٩) فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ (٥٠)

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥١) فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ (٥٢) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٣) مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها مِنْ إِسْتَبْرَقٍ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ (٥٤) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٥)

فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ (٥٦) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٧) كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ (٥٨) فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ (٥٩)

وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ أي قيامه عند ربه للحساب، فأطاعه بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه. فإضافته للرب لأنه عنده، فهو كقول العرب: ناقة رقود الحلب، أي رقود عند الحلب، أو موقفه الذي يقف فيه العباد للحساب، فإضافته للرب لامية لاختصاص الملك يومئذ به تعالى. أو هو كناية عن خوف الرب وإثبات خوفه له بطريق برهاني بليغ، لأن من حصل له الخوف من مكان أحد، يهابه وإن لم يكن فيه، فخوفه منه بالطريق الأولى. وهذا كما يقول المترسلون: المقام العالي، والمجلس السامي جَنَّتانِ أي جنة لمن أطاع من الإنس، وجنة لمن أطاع من الجن. أو هو كناية عن مضاعفة الثواب، وإيثار التثنية للفاصلة فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ أي بإثابته المحسن ما وصف ذَواتا أَفْنانٍ أي أنواع من الأشجار والثمار. جمع (فن) بمعنى النوع، أو أغصان لينة، جمع (فنن) وهو ما دقّ ولان من الغصن فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ فِيهِما مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ زَوْجانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>