للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن عبد الرحمن أنه سمع معاوية يحدث رهطا من قريش بالمدينة. وذكر كعب الأحبار فقال: إن كان من أصدق هؤلاء المحدثين الذين يحدثون عن أهل الكتاب.

وإن كنا مع ذلك لنبلو عليه الكذب. معناه أنه يقع منه الكذب من غير قصد. لأنه يحدث عن صحف هو يحسن بها الظن، وفيها أشياء موضوعة ومكذوبة. لأنهم لم يكن في ملتهم حفاظ متقنون كهذه الأمة العظيمة. ومع ذلك، وقرب العهد، وضعت أحاديث كثيرة في هذه الأمة، لا يعلمها إلا الله عز وجل. ومن منحه الله علما علم بذلك كل بحسبه. ولله الحمد والمنة. انتهى.

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة العنكبوت (٢٩) : الآيات ٤٧ الى ٤٨]

وَكَذلِكَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاَّ الْكافِرُونَ (٤٧) وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتابَ الْمُبْطِلُونَ (٤٨)

وَكَذلِكَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ أي: مثل ذلك الإنزال، أنزلنا إليك الكتاب. أي أنزلناه مصدقا لسائر الكتب السماوية فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هؤُلاءِ أي العرب مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الْكافِرُونَ وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ أي فإن ظهور هذا الكتاب الجامع لما يكفل سعادة الدارين في شرائعه وقضاياه، على أميّ لم يعرف بالقراءة والتعلم، خارق للعادة. وذكر اليمين زيادة تصوير للمنفي، ونفي للتجوز في الإسناد إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ أي لو كنت ممن يخط ويقرأ، لقالوا: لعله تعلمه أو كتبه بيده، من كتب مأثورة عن الأنبياء.

[تنبيه:]

قال السيوطي في (الإكليل) : في هذه الآية دليل على أنه صلى الله عليه وسلم كان أميا لا يقرأ ولا يكتب. وفيها ردّ على من زعم أنه كتب. انتهى.

وقال ابن كثير: وهذه صفته في الكتب المتقدمة. كما قال تعالى: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ [الأعراف: ١٥٧] ، الآية. وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم دائما لا يحسن الكتابة ولا يخط سطرا ولا حرفا بيده. بل كان له كتّاب يكتبون بين يديه الوحي والرسائل إلى الأقاليم. ومن زعم، من متأخري الفقهاء، كالقاضي ابن الوليد الباجي ومن تابعه، أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>