فإن اتفق أن يكون الزاني محصنا، كان الإثم أعظم. فإن كان شيخا كان أعظم إثما وهو أحد الثلاثة الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم فإن اقترن بذلك أن يكون في شهر حرام أو بلد حرام أو وقت معظم عند الله، كأوقات الصلاة وأوقات الإجابة، تضاعف الإثم.
وعلى هذا، فاعتبر مفاسد الذنوب وتضاعف درجاتها في الإثم والعقوبة والله المستعان.
الثالث- أجمع المسلمون على أن حكم التلوّط مع المملوك كحكمه مع غيره، ومن ظن أن تلوط الإنسان مع مملوكه جائز، واحتجّ على ذلك بقوله تعالى:
إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ وقاس ذلك على أمته المملوكة، فهو كافر يستتاب كما يستتاب المرتد. فإن تاب وإلا قتل وضربت عنقه.
وتلوط الإنسان بمملوكه كتلوطه بمملوك غيره. في الإثم والحكم. أفاد هذا وما قبله بتمامه الإمام ابن القيم في (الجواب الكافي) . وقوله تعالى:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٨ الى ١١]
وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ أي قائمون عليها بحفظها وإصلاحها.
والآية تحتمل العموم في كل ما اؤتمنوا عليه وعوهدوا، من جهة الله تعالى ومن جهة الخلق والخصوص فيما حملوه من أمانات الناس وعهودهم. ولذا عدت الخيانة في الأمانة من آيات النفاق في الحديث المشهور «١» وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ أي يحافظون عليها. وذلك أن لا يسهوا عنها ويؤدّوها في أوقاتها، ويقيموا أركانها، ويوكلوا نفوسهم بالاهتمام بها وبما ينبغي أن تتم به أوصافها. وليس هذا تكريرا لما وصفهم به أولا. فإن الخشوع في الصلاة، غير المحافظة عليها. وتقديم الخشوع اهتماما به. حتى كأن الصلاة، لا يعتد بها بدونه، أو لعموم هذا له. وفي تصدير الأوصاف وختمها بأمر الصلاة، تعظيم لشأنها أُولئِكَ أي الجامعون لهذه الأوصاف هُمُ الْوارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ أي الجنة هُمْ فِيها خالِدُونَ أي لا يخرجون منها أبدا.
(١) أخرجه البخاري في: الإيمان، ٢٤- باب علامة المنافق، حديث رقم ٣١، عن أبي هريرة.