موصوفين بهذه الرذائل من اختيار الراحات البدنية، ومحبة المال، وترك العبادات البدنية، والخوض في الباطل، والهزء والهذيان، والتكذيب بالجزاء، وإنكار المعاد.
حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ أي الموت، فرأينا به ما كنا ننكره عيانا. فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ أي من نبيّ أو ملك، لو قدر على سبيل فرض المحال، لأنهم غير قابلين لها. فلا إذن في الشفاعة لذلك. فلا شفاعة، فلا تنفع.
قال ابن جرير: أي فما يشفع لهم الذين شفعهم الله في أهل الذنوب من أهل التوحيد، فتنفعهم شفاعتهم. وفي هذه الآية دلالة واضحة على أن الله تعالى ذكره، مشفّع بعض خلقه في بعض.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المدثر (٧٤) : الآيات ٤٩ الى ٥٦]
فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ أي فما لهؤلاء المشركين عن تذكرة الله إياهم بهذا القرآن معرضين، لا يستمعون لها، فيتعظوا ويعتبروا. كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ أي كأنهم في الإعراض عن الذكرى، وبلادة قلوبهم، حمر شديدة النفار. فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ أي أسد، أو عصبة قنص من الرماة. بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً أي ينزل عليه كتاب كما أنزل على النبيّ صلى الله عليه وسلم. ونحوه آية وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ [الأنعام: ١٢٤] ، وآية وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ [الإسراء: ٩٣] ، وآية وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ ... [الأنعام: ٧] الآية.
كَلَّا أي لا يكون مرادهم، ولا يتبع الحق أهواءهم. أو ليس إرادتهم تلك للرغبة في الإيمان، فقد جاءهم ما يكفيهم عن اقتراح غيره، وإنما هم مردة الداء، ولذا قال: بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ أي لا يؤمنون بالبعث والجزاء، ولا يخشون العقاب، لإيثارهم العاجلة. أي فذلك الذي دعاهم إلى الإعراض عن تذكرة الله، والإباء عن الإيمان بتنزيله. كَلَّا ردع عن إعراضهم إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ أي فاتعظ