للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي عن مجاهد والضحاك مثله. والأول أظهر.

التاسع- (في الإكليل) : استدل بهذه الآية على مسألة أخرى، أخرجه أبو الشيخ عن أنس أنه سئل: من يقبض أرواح البهائم؟ قال: ملك الموت. فبلغ الحسن فقال: صدق! وإن ذلك في كتاب الله. ثم تلا هذه الآية؟

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنعام (٦) : آية ٣٩]]

وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُماتِ مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٣٩)

وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُماتِ أي: مثلهم في جهلهم، وعدم فهمهم، وسوء حالهم، كمثل الصم (جمع أصم وهو الذي لا يسمع) والبكم (جمع أبكم، وهو الذي لا يتكلم) . وهم مع ذلك في الظلمات لا يبصرون، فكيف يهتدي مثلهم إلى الطريق، أو يخرج مما هو فيه؟ وقد كثر تشبيههم بذلك في التنزيل، إعلاما ببيان كمال غراقتهم في الجهل، وانسداد باب الفهم والتفهيم بالكلية.

ثم أشار إلى أنهم من أهل الطبع بقوله: مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ أي: فهو المتصرف في خلقه بما يشاء، فمن أحب هدايته، وفقه بفضله وإحسانه للإيمان. ومن شاء ضلالته تركه على كفره. وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ.

ثم أمر تعالى رسوله بأن يبكتهم بما لا سبيل لهم إلى إنكاره. ببيان أنهم إذا نزلت بهم شدة، فإنهم يفزعون إليه تعالى، لا إلى الأصنام، فقال تعالى:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنعام (٦) : آية ٤٠]]

قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٤٠)

قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ أي: أخبروني إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ أي: مثل ما نزل بالأمم الماضية الكافرة، أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ يعني القيامة أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ أي: في كشف العذاب عنكم، وهذا محطّ التبكيت. أي أتخصون آلهتكم بالدعوة إلى رفع تلك الشدة، بل لا تدعونها مع الله أيضا إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ متعلق ب أَرَأَيْتَكُمْ مؤكد للتبكيت، كاشف عن كذبهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>