للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبه يعلم سقوط ما لأبي البقاء، وسقوط دعوى أن أصله أن يتعدى ب (في) ودعوى التضمين السابقة، وتكليف كون شَيْءٍ واقعا موقع المصدر.

هذا وقرئ فرطنا بالتخفيف، وهو بمعنى المشدّد، وإنما توسعنا فيما روي على القول الثاني في معنى الكتاب، لشهرة الآية في هذا المعنى، وإن كان الأظهر الأول، لما ذكرناه، ولأن السورة مكية، والأحكام فيها لم تتم- والله أعلم-.

الثامن- دلت الآية على حشر الدوابّ والبهائم والطير كلها، أي: بعثها يوم القيامة. كقوله تعالى: وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ [التكوير: ٥] .

وروى الإمام أحمد «١» عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «رأي شاتين تنتطحان» ، فقال: «يا أبا ذر! هل تدري فيم تنتطحان؟ قال: لا. قال: لكن الله يدري، وسيقضي بينهما» . ورواه عبد الرازق وابن جرير «٢» ، وزاد: ولقد تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما يقلّب طائر جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علما.

وروى عبد الله ابن الإمام أحمد «٣» في مسند أبيه عن عثمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الجماء لتقصّ من القرناء يوم القيامة.

وروى عبد الرازق عن أبي هريرة في هذه الآية قال: يحشر الخلق كلهم يوم القيامة: الدوابّ والبهائم والطير وكل شيء، فيبلغ من عدل الله يومئذ أن يأخذ للجماء من القرناء، ثم يقول: كوني ترابا! فلذلك يقول الكافر: الَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً

. وقد روي هذا مرفوعا في حديث الصور.

أفاده ابن كثير قلت:

روى الإمام أحمد «٤» ، والبخاري في (الأدب المفرد) ومسلم «٥» والترمذي «٦» عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لتؤدنّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة، حتى يقاد للشاة الجلحاء، من الشاة القرناء، تنطحها» .

وروى ابن أبي حاتم عن عكرمة عن ابن عباس في الآية قال: حشرها الموت.


(١) أخرجه في المسند ٥/ ١٦٢.
(٢) الأثر رقم ١٣٢٢٣ من التفسير.
وفي المسند ٥/ ١٥٣.
(٣) أخرجه في المسند ص ٧٢ ج ١ والحديث رقم ٥٢٠.
(٤) أخرجه في المسند ص ٢٣٥ ج ٢ والحديث رقم ٧٢٠٣.
(٥) أخرجه مسلم في: البر والصلة والآداب، حديث ٦٠.
(٦) أخرجه الترمذي في: القيامة، ٢- باب ما جاء في شأن الحساب والقصاص.

<<  <  ج: ص:  >  >>