وإن شاء استرقّ من أسر. هذا مذهب الإمام الشافعي وطائفة. وفي المسألة خلاف آخر بين الأئمة، مقرر في موضعه.
الرابع- قال بعض مفسري الزيدية: في هذه الآية سؤال وهو أن يقال: إن كان فعلهم اجتهادا وخطأ، فلم عوتبوا؟ ويلزم أن لا معصية. وإن تمكنوا من العلم وقصروا، فكيف أقرّهم الرسول صلّى الله عليه وسلّم؟ وجواب ذلك من وجهين:
الأول- عن أبي عليّ أن ذلك كان معصية صغيرة. قال الحاكم: وكانوا متمكنين من العلم، إذا ما عاتبهم.
فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً أي كلوا بعضه، بعد إخراج الخمس حلالا، أي مطلقا عن العتاب والعقاب، من (حل العقال) . طَيِّباً أي لذيذا هنيئا. أو حلالا بالشرع، طيبا بالطبع. قيل: هذا الأمر تأكيد لحل المغانم، لأنه علم مما تقدم من قوله وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ ... الآية- وإشارة لاندراج مال الفداء في عمومها، ف (ما غنمتم) هنا، إما الفدية، لأنها غنيمة، أو مطلق الغنائم. والمراد بيان حكم ما اندرج فيها من الفدية وجعل الفاء عاطفة على سبب مقدر، أي أبحت لكم الغنائم، فكلوا- قد يستغنى عنه بعطفه على ما قبله لأنه بمعناه، أي لا أؤاخذكم بما أخذ من الفداء فكلوه. كذا في (العناية) .
قال أبو السعود: والأظهر أنها للعطف على مقدر يقتضيه المقام، أي دعوه فكلوا مما غنمتم. ثم قال: وقيل (ما) عبارة عن الفدية، فإنها من جملة الغنائم، ويأباه اتساق النظم الكريم وسياقه. انتهى. وهو متجه.
وَاتَّقُوا اللَّهَ أي في مخالفة أمره ونهيه إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ فيغفر لكم ويرحمكم إذا اتقيتموه.