الثاني- في الَّذِينَ يَلْمِزُونَ وجوه من الإعراب: خير مبتدأ بتقدير (هم الذين) أو مفعول أعني أو أذم الذين، أو مجرور بدل من ضمير سِرَّهُمْ، وجوّز أيضا أن يكون مبتدأ خبره سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ، وقيل: فَيَسْخَرُونَ، ودخلت (الفاء) لما في (الّذين) من الشبه بالشرط. وأما الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ... إلخ فقيل:
معطوف على الَّذِينَ يَلْمِزُونَ وقيل: على الْمُؤْمِنِينَ، والأحسن أنه معطوف على (المطوعين) .
قال في (الفتح) : ويكون من عطف الخاص على العام، والنكتة فيه التنويه بالخاص، لأن السخرية من المقلّ أشدّ من المكثر غالبا.
الثالث- قال في (الفتح) : قراءة الجمهور الْمُطَّوِّعِينَ بتشديد الطاء والواو.
وأصله المتطوعين، أدغمت التاء في الطاء. انتهى. أي لقرب المخرج. والتطوع التنفّل، وهو الطاعة لله تعالى بما ليس بواجب. و (الجهد) ، قال الليث: هو شيء قليل يعيش به المقلّ، وبضم الجيم قرأ الجمهور. وقرأ ابن هرمز وجماعة بالفتح، فقيل: هما لغتان بمعنى واحد. وقيل: المفتوح بمعنى المشقة، والمضموم بمعنى الطاقة. وقيل: المضموم قليل يعاش به، والمفتوح: العمل. والمختار أنهما بمعنى، وهو الطاقة وما تبلغه القوة. قال الفراء: الضم لغة أهل الحجاز، والفتح لغيرهم. والهزء والسخرية بمعنى.
اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أي لهؤلاء المنافقين أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ أي فإنهما في حقهما سواء. ثم بيّن استحالة المغفرة لهم وإن بولغ في الاستغفار بقوله تعالى: إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ، ذلِكَ أي عدم الغفران لهم بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ أي الخارجين عن حدوده.