[الأنبياء: ٣١] ، لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ أي بها إلى مآربكم وَعَلاماتٍ أي دلائل يستدل بها المسافرون من جبل ومنهل وريح، برّا وبحرا، إذا ضلوا الطريق وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ أي في الظلام برّا وبحرا. والعدول عن سنن الخطاب إلى الغيبة للالتفات. وتقديم (بالنجم) للفاصلة. وتقديم الضمير للتّقوّي. وهذا أولى من دعوى الزمخشري أن التقديم للتخصيص بقوم هم قريش لكونهم أصحاب رحلة وسفر. وذلك لأن الخطاب في الآيات السابقة عامّا فكذا يكون في لاحقها.
[تنبيه:]
قال في (الإكليل) : هذه الآية أصل لمراعاة النجوم لمعرفة الأوقات والقبلة والطرق.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النحل (١٦) : الآيات ١٧ الى ١٨]
أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (١٧) وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (١٨)
أَفَمَنْ يَخْلُقُ أي كل شيء، لا سيما تلك المصنوعات العظيمة المذكورة، وهو الله الواحد الأحد كَمَنْ لا يَخْلُقُ أي شيئا ما، وهو ما يعبدون من دونه، وهذا تبكيت للمشركين وإبطال لإشراكهم بإنكار أن يساويه ويستحق مشاركته، ما لا يقدر على خلق شيء من ذلك، بل على إيجاد شيء ما.
وزعم الزمخشريّ ومتابعوه أن قضية الإلزام أن يقال:(أفمن لا يخلق كمن يخلق) ثم تكلموا في سره. وقد تقدم الكلام في ذلك عند قوله تعالى: وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى [آل عمران: ٣٦] ، فجدد به عهدا. أَفَلا تَذَكَّرُونَ أي فتعرفوا فساد ذلك. فإنه لوضوحه لا يفتقر إلى شيء سوى التذكر.
ثم نبه، سبحانه وتعالى. على كثرة نعمه عليهم وإحسانه بما لا يحصى، إشارة إلى أن حق عبادته غير مقدور، بقوله تعالى: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها أي لا تضبطوا عددها ولا تبلغه طاقتكم، فضلا أن تطيقوا القيام بحقها من أداء الشكر إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ أي حيث يتجاوز عن التقصير في أداء شكرها، ولا يقطعها عنكم لتفريطكم. ولا يعاجلكم بالعقوبة على كفرانها. قاله الزمخشريّ.
ولحظ ابن جرير أن مغفرته تعالى ورحمته لهم، إذا تابوا وأنابوا. أي فيتجاوز عن تقصيرهم بشكرها الحقيقيّ. ولا يعذبهم بعد توبتهم وإنابتهم إلى طاعته.