للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العنت- وهو المشقة- وأحرجكم، فلم يطلق لكم مداخلتهم، ولا يمنعه من ذلك شيء. إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ أي: غالب على ما أراد حَكِيمٌ أي: فاعل لأفعاله حسبما تقتضيه الحكمة الداعية إلى بناء التكليف على أساس الطاقة.

هذا، وقد حمل القاضي قوله تعالى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ على جهات المصالح والخيرات العائدة إلى الوليّ واليتيم. قال رحمه الله: هذا الكلام يجمع النظر في صلاح مصالح اليتيم بالتقويم والتأديب وغيرهما لكي ينشأ على علم وأدب وفضل، لأنّ هذا الصنع أعظم تأثيرا فيه من إصلاح حاله بالتجارة. ويدخل فيه أيضا إصلاح ماله كي لا تأكله النفقة من جهة التجارة. ويدخل أيضا معنى قوله تعالى:

وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ [النساء: ٢] . ومعنى قوله خَيْرٌ يتناول حال المتكفّل. أي: هذا العمل خير له من أن يكون مقصرا في حق اليتيم. ويتناول حال اليتيم أيضا. أي: هذا العمل خير لليتيم من حيث إنّه يتضمّن صلاح نفسه وصلاح ماله. فهذه الكلمة جامعة لجميع مصالح اليتيم والوليّ.

وروى البخاريّ «١» عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أنا وكافل اليتيم في الجنّة هكذا. وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما. وروى نحوه مسلم أيضا في (صحيحه) «٢» .

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة البقرة (٢) : آية ٢٢١]]

وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آياتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٢١)

وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ أي: لا تتزوجوا الوثنيات حتى يؤمنّ بالله تعالى.

قال ابن كثير: هذا تحريم من الله عزّ وجلّ على المؤمنين أن يتزوجوا المشركات من عبدة الأوثان. ثم إن كان عمومها مرادا، وأنّه يدخل فيها كل مشركة


(١) أخرجه البخاريّ في: كتاب الأدب، ٢٤- باب فضل من يعود يتيما.
(٢) أخرجه مسلم في: الزهد الرقائق، حديث ٤٢ (طبعتنا) عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>