إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ أي منا. فلسنا فاتكين وإنما نحن خَصْمانِ أي شخصان متخاصمان تحاكمنا إليك بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ أي تعدى فَاحْكُمْ بَيْنَنا بِالْحَقِّ أي بما يطابق أمر الله وَلا تُشْطِطْ أي ولا تبعد عن الحق أو تجاوزه وَاهْدِنا إِلى سَواءِ الصِّراطِ أي بحيث لا تميل عن الحق أصلا.
إِنَّ هذا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً أي أنثى من الضأن وَلِيَ نَعْجَةٌ واحِدَةٌ أي فلم ينظر إلى غناه عنها، ولا إلى افتقاري إليها، بل أراد التغلب عليّ فَقالَ أَكْفِلْنِيها أي: ملكنيها. بمعنى اجعلني كافلها كما أكفل ما تحت يدي. أو بمعنى اجعلها كفلي أي نصيبي: وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ أي غلبني في المكالمة.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة ص (٣٨) : الآيات ٢٤ الى ٢٥]
قالَ أي داود لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ أي طلب نعجتك التي أنت أحوج إليها ليضمها إِلى نِعاجِهِ أي مع استغنائه عن هذا الضم وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ أي الإخوان الأصدقاء المتخالطين في شؤونهم لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ أي بغي الأعداء. مع أن واجب حقهم النصفة على الأقل. إن لم يقوموا بفضيلة الإيثار إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أي فإنهم لا يبغون وَقَلِيلٌ ما هُمْ أي وهم قليل. و (ما) مزيدة للإبهام والتعجيب من قلتهم.
قال الشهاب: فيه مبالغة من وجوه: وصفهم بالقلة، وتنكير (قليل) وزيادة (ما) الإبهامية. والشيء إذا بولغ فيه كان مظنة للتعجب منه. فكأنه قيل: ما أقلهم.