قال السيوطيّ في (الإكليل) : في هذه الآية الأمر بالقول الليّن عند عدم وجود ما يعطى منه، وفسّره ابن زيد بالدعاء. والحسن وابن عباس بالعدة. انتهى.
وظاهر، أن القول الميسور يشمل الكل. وذهب المهايميّ إلى أن الآية في منعهم خوفا من أن يصرفوه فيما لا ينبغي. قال: أي وإن تحقق إعراضك عمن تريد الإحسان إليهم، طلب رحمة من ربك في المنع عنهم لئلا يقعوا في التبذير، بصرف المعطي إلى شرب الخمر أو الزنى، لما عرفت من عاداتهم، فقل لهم في الدفع قولا سهلا عليهم، إحسانا إليهم بدل العطاء. انتهى.
ولم أره لغيره. والنظم الكريم يحتمله.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الإسراء (١٧) : آية ٢٩]]
وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً (٢٩)
وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ أي لا تمسك يدك عن النفقة والعطية لمن له حق ممن تقدم، بمنزلة المشدودة يده إلى عنقه، الذي لا يقدر على الأخذ بها والإعطاء وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ أي بالتبذير والسرف. قال ابن كثير: أي لا تسرف في الإنفاق فتعطي غير طاقتك وتخرج أكثر من دخلك فَتَقْعُدَ أي فتبقى مَلُوماً يلومك الفقراء والقرابة مَحْسُوراً أي نادما، من (الحسرة) أو منقطعا بك لا شيء عندك من (حسرة السفر) إذا بلغ منه الجهد وأثر فيه.
وفي النهيين استعارتان تمثيليتان شبه في الأولى فعل الشحيح في منعه، بمن يده مغلولة لعنقه، بحيث لا يقدر على مدّها.
وفي الثانية، شبه السرف ببسط الكف بحيث لا تحفظ شيئا. وهو ظاهر.
وجعل ابن كثير قوله تعالى: فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً من باب اللف والنشر المرتب.
قال: أي فتقعد، إن بخلت، ملوما يلومك الناس ويذمونك. ويستغنون عنك كما قال زهير في المعلقة:
ومن كان ذا مال فيبخل بماله ... على قومه يستغن عنه ويذمم
ومتى بسطت يدك فوق طاقتك، قعدت بلا شيء تنفقه، فتكون كالحسير.
وهي الدابة التي عجزت عن السير، فوقفت ضعفا وعجزا.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الإسراء (١٧) : آية ٣٠]]
إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (٣٠)
إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ أي يوسعه ويضيقه، حسب مشيئته