للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صح. وهذه الطريقة سبيل طائفة قصّرت في علم السمع وأقلت البحث عنه. فنشأ من ذلك النقص من الدين والزيادة فيه بالرأي المحض.

ومذهبنا أن لا غنى عن الرجوع إلى تفسير الصحابة رضي الله عنهم. لما ثبت من الثناء عليهم في الكتاب والسنة. ولأن القرآن أنزل على لغتهم. فالغلط أبعد عنهم من غيرهم. لا سيما تفسير حبر الأمة وبحرها عبد الله بن عباس رضي الله عنهما.

فمتى صح الإسناد إليه كان تفسيره من أصح التفاسير، مقدما على كثير من الأئمة الجماهير. لوجوه متعددة: منها أنه رضي الله عنه ثبت عنه أنه كان لا يستحل التأويل بالرأي.

روي عنه أنه قال: من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار وفي رواية (بغير علم) رواه أبو داود في العلم، والنسائيّ والترمذي «١»

. فإذا جزم رضي الله عنه بأمر كان دليلا على رفعه. كما أسلفنا في المقدمة. إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ من الأشياء التي من جملتها الإيتاء والمنع شَهِيداً أي عالما. ففيه وعد ووعيد.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ٣٤]]

الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ وَاللاَّتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً (٣٤)

الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ جمع قوام، وهو القائم بالمصالح والتدبير والتأديب. أي مسلطون على أدب النساء يقومون عليهن، آمرين ناهين، قيام الولاة على الرعية. وذلك لأمرين: وهبيّ وكسبيّ. أشار للأول بقوله تعالى: بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ والضمير للرجال والنساء جميعا. يعني إنما كانوا مسيطرين عليهن بسبب تفضيل الله بعضهم، وهم الرجال، على بعض، وهم النساء. وقد ذكروا، في فضل الرجال، العقل والحزم والعزم والقوة والفروسية والرمي. وإن منهم الأنبياء وفيهم الإمامة الكبرى والصغرى والجهاد والأذان والخطبة والشهادة في مجامع القضايا والولاية في النكاح والطلاق والرجعة وعدد الأزواج وزيادة السهم والتعصيب. وهم أصحاب اللحى والعمائم. والكامل بنفسه له حق الولاية على


(١) رواه الترمذي في: التفسير، ١- باب ما جاء في الذي يفسر القرآن برأيه. عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>