تدعو إليه الضرورة، وتمس الحاجة، كمثل ما اختير في تخفيف بعض الهمزات لأهل الأداء، وفي إثبات البسملة وعدمها لبعض القراء، ونقل «كتابيه أني» وإدغام «ماليه هلك» قياسا عليه، وكذلك قياس «قال رجلان، وقال رجل» على «قال رب» في الإدغام» ، كما ذكره الداني وغيره. ونحو ذلك مما لا يخالف نصا، ولا يرد إجماعا ولا أصلا، مع أنه قليل جدا وإلى ذلك أشار مكيّ بن أبي طالب رحمه الله في كتابه «التبصرة» حيث قال: فجميع ما ذكرنا في هذا الكتاب ينقسم ثلاثة أقسام: قسم قرأت به ونقلته وهو منصوص في الكتب موجود، وقسم قرأت به وأخذته لفظا أو سماعا وهو غير موجود في الكتب، وقسم لم أقرأ به ولا وجدته في الكتب، ولكن قسته على ما قرأت به، إذ لا يمكن فيه إلا ذلك عند عدم الرؤية في النقل والنص، وهو الأقل.
وقال ابن الجزريّ:
وقد زلّ بسبب ذلك قوم وأطلقوا قياس ما لا يروى على ما روي، وما له وجه ضعيف على الوجه القويّ، كأخذ بعض الأغبياء بإظهار الميم المقلوبة من النون والتنوين.
بيان أن كل قراءة صحت عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وجب قبولها والإيمان بها
قال الحافظ ابن الجزريّ في النشر: كل ما صح عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من القراءات، فقد وجب قبوله، ولم يسع أحدا من الأمة رده، ولزم الإيمان به، وأنّ كله منزل من عند الله، إذ كل قراءة منها مع الأخرى بمنزلة الآية مع الآية، يجب الإيمان بها كلها، واتباع ما تضمنته من المعنى علما وعملا، لا يجوز ترك موجب إحداهما لأجل الأخرى ظنا أن ذلك تعارض، وإلى ذلك أشار عبد الله بن مسعود رضي الله عنه بقوله:«لا تختلفوا في القرآن ولا تتنازعوا فيه، فإنه لا يختلف ولا يتساقط، ألا ترون أن شريعة الإسلام فيه واحدة حدودها وقراءتها وأمر الله فيها واحد، ولو كان من الحرفين حرف يأمر بشيء ينهى عنه الآخر، كان ذلك الاختلاف. ولكنه جامع ذلك كله، ومن قرأ على قراءة فلا يدعها رغبة عنها، فإنه من كفر بحرف منه كفر به كله» .
قال ابن الجزريّ: قلت: وإلى ذلك أشار النبي صلّى الله عليه وسلّم حيث