يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ أي مما قدموا وأخروا. فهو المحيط بهم علما وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ [البقرة: ٢٥٥] ، فكيف يخرجون عن عبوديته؟
وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى أي أن يشفع له، مهابة منه تعالى.
قال المهايميّ: كيف يخرجون عن عبوديته ولا يقدرون على أدنى وجوه معارضته. لأنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى. إذا الشفاعة لغير المرتضى نوع معارضة معه. وكيف يعارضونه وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ أي قهره مُشْفِقُونَ أي خائفون.
قال ابن كثير: وقوله: وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى، كقوله: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ [البقرة: ٢٥٥] ، وقوله: وَلا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ [سبأ: ٢٣] ، في آيات كثيرة في معنى ذلك.
قال الزمخشريّ: رحمه الله: وبعد أن وصف كرامتهم عليه وقرب منزلتهم عنده، وأثنى عليهم، وأضاف إليهم تلك الأفعال السنية والأعمال المرضية، فاجأ بالوعيد الشديد. وأنذر بعذاب جهنم من أشرك منهم. إن كان ذلك على سبيل الفرص والتمثيل، مع إحاطة علمه بأنه لا يكون كما قال: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ [الأنعام: ٨٨] ، قصد بذلك تفظيع أمر الشرك، وتعظيم شأن التوحيد. انتهى.