وروى ابن جرير عن عكرمة قال: جاء عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، ومطعم ابن عديّ، والحارث بن نوفل، وقرظة بن عبد عمرو بن نوفل، في أشراف من بني عبد مناف، من الكفار، إلى أبي طالب فقالوا: يا أبا طالب! لو أن ابن أخيك يطرد عنه موالينا وحلفاءنا، فإنما هم عبيدنا وعسفاؤنا- كان أعظم في صدورنا، وأطوع له عندنا، وأدنى لاتّباعنا إياه، وتصديقنا له. فأتى أبو طالب النبيّ صلى الله عليه وسلم، فحدثه بالذي كلموه به، فقال عمر بن الخطاب: لو فعلت ذلك، حتى تنظر ما الذي يريدون، وإلام يصيرون من قولهم! فأنزل الله عز وجل هذه الآية: وَأَنْذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْ يُحْشَرُوا إِلى رَبِّهِمْ [الأنعام: ٥١] . إلى قوله أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ. قال:
وكانوا: بلال وعمار بن ياسر وسالم مولى أبي حذيفة وصبيح مولى أسيد. ومن الحلفاء: ابن مسعود، والمقداد بن عمرو، ومسعود بن القاريّ، وواقد بن عبد الله الحنظليّ، وعمرو بن عبد عمرو ذو الشمالين، ومرثد بن أبي مرثد- وأبو مرثد من غنيّ، حليف حمزة بن عبد المطلب- وأشباههم من الحلفاء. ونزلت في أئمة الكفر من قريش والموالي والحلفاء: وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ.. الآية- فلما نزلت أقبل عمر، فاعتذر من مقالته، فأنزل الله عز وجل: وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا..
الآية.
[تنبيهات وفوائد:]
قال بعض المفسرين:
١- أن الواجب في الدعاء الإخلاص به، لأنه تعالى قال: يُرِيدُونَ وَجْهَهُ- هكذا قال الحاكم- وهكذا جميع الطاعات، لا تكون لغرض الدنيا،
قال النفس الزكية عليه السلام: إذا دعا الإمام ثم وجد أفضل منه، وجب عليه أن يسلم الأمر له.
فإن لم يفعل ذلك فسق، لأنه إن لم يفعل دل على أنه طالب للدنيا.
٢- ودلت على أن الغداة والعشيّ لهما اختصاص بفضل العمل والدعاء، فلذلك خصهما بالذكر.
٣- ودلت على أن الفضل بالأعمال. وما خرج من المفاضلة من غير أمر الدين، كالكفاءة في النكاح، فذلك لمخصص، نحو
قوله عليه السلام: العرب بعضها أكفاء للبعض.
٤- ودلت على أن أحدا لا يؤخذ بذنب غيره، وهي كقوله: وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى [الأنعام: ١٦٤] . وقد تقدم ما ذكر فيما ورد أن الميت ليعذّب ببكاء أهله، على أن المراد إذا أوصاهم بذلك.