فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ أي جهدكم ووسعكم، أي ابذلوا فيها استطاعتكم، وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا أي افهموا هذه الأوامر واعملوا بها وَأَنْفِقُوا أي أموالكم التي ابتلاكم الله بها في مراضيه خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ أي وائتوا خيرا لأنفسكم. أي اقصدوا في الأموال والأولاد ما هو خير لكم. ف (خيرا) مفعول بمقدر، وهذا قول سيبويه، كقوله تعالى: انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ [النساء: ١٧١] ، وقيل: تقديره يكن الإنفاق خيرا، فهو خبر (يكن) مضمرا، وهو قول أبي عبيد. وقيل: مفعول ل أَنْفِقُوا وهو رأي ابن جرير. قال: أي وأنفقوا مالا من أموالكم لأنفسكم ستنقذوها من عذاب الله، والخير في هذا الموضع، المال وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ أي بالعصمة منه فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ أي المنجحون الذين أدركوا طلباتهم عند ربهم.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة التغابن (٦٤) : الآيات ١٧ الى ١٨]
إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً أي بالإنفاق في سبيله، ما تحبون من غير منّ ولا أذى. قال الزمخشري: ذكر (القرض) تلطف في الاستدعاء يُضاعِفْهُ لَكُمْ أي يضاعف جزاءه وخلفه وَيَغْفِرْ لَكُمْ أي ذنوبكم بالصفح عنها وَاللَّهُ شَكُورٌ أي ذو شكر لأهل الإنفاق في سبيله، بحسن الجزاء لهم على ما أنفقوا حَلِيمٌ أي عن أهل معاصيه، بترك معاجلتهم بعقوبته. عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أي ما يغيب عن أبصار عباده وما يشاهدونه الْعَزِيزُ أي الغالب في انتقامه ممن خالف أمره ونهيه الْحَكِيمُ أي في تدبيره خلقه، وصرفه إياهم فيما يصلحهم.