وَالْوالِداتُ، أي: من المطلقات يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ، أي:
سنتين كاملتين لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ، أي: هذا الحكم لمن أراد أن يتم رضاع الولد، فأفهم أنه يجوز الفطام للمصلحة قبل ذلك، وأنه لا رضاع بعد التمام.
قال الحرّاليّ: وهو- أي الذي يكتفي به دون التمام- هو ما جمعه قوله تعالى:
وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً [الأحقاف: ١٥] ، فإذا كان الحمل تسعا كان الرضاع أحدا وعشرين شهرا. وإذا كان حولين كان المجموع ثلاثا وثلاثين شهرا، فيكون ثلاثة آحاد وثلاثة عقود، فيكون ذلك تمام الحمل والرضاع.
وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ- أي: الأب- وعبّر عنه بهذه العبارة إشارة إلى جهة وجوب المؤن عليه، لأن الوالدات إنما ولدن للآباء، ولذلك ينسب الولد للأب دون الأم قال بعضهم:
وإنما أمهات الناس أوعية ... مستودعات وللآباء أبناء
رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ، أي: على والد الطفل نفقة أمّه المطلقة مدّة الإرضاع، أي طعامهنّ ولباسهنّ بِالْمَعْرُوفِ، وهو قدر الميسرة كما فسّره قوله تعالى: لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَها، يعني طاقتها والمعنى: أنّ أبا الولد لا يكلّف في الإنفاق عليه وعلى أمه إلا قدر ما تتسع به مقدرته، ولا يبلغ إسراف القدرة لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها، أي: يأخذ ولدها منها بعد رضاها بإرضاعه ورغبتها في إمساكه وشدة محبتها له وَلا مَوْلُودٌ لَهُ، يعني الأب بِوَلَدِهِ، بطرح الولد عليه يعني: لا تلقي المرأة الولد إلى أبيه وقد ألفها، تضاره بذلك. وهذا التأويل على تقدير كون (تضارّ) مبنيا للمفعول، وأما على بنائه للفاعل، فالمفعول محذوف والتقدير. لا تضارر-