للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: الممنوع خسف مستأصل لهم، وأما عدم إجابته في بأسهم، فبذنوب منهم، ولأنهم بعد تبليغه صلى الله عليه وسلم لهم، ونصيحته لهم، لم يعملوا بقوله. انتهى.

وقد روى أحمد والترمذي «١» من حديث سعد بن أبي وقاص قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية: قُلْ هُوَ الْقادِرُ.. إلخ. فقال: أما إنها كائنة، ولم يأت تأويلها بعد

. قال الحافظ ابن حجر: وهذا يحتمل أن لا يخالف حديث جابر، بأن المراد بتأويلها ما يتعلق بالفتن ونحوها. انتهى. أي: مما ستصدق عليها الآية، ولما تقع بالمسلمين. فقوله: إنها كائنة، أي: في المسلمين، لا أنها خطاب لهم، ونزولها فيهم- كما وهم- إذ يدفعه السياق والسباق، وتتمة الآية- كما لا يخفى- وسنزيده بيانا.

الثاني- ما روي عن ابن عباس من أنه كان يقول في قوله تعالى: عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ يعني أئمة السوء ومِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ يعني: خدم السوء. رواه ابن جرير «٢» وابن أبي حاتم. فإن صح عنه، فمراده أن لفظ الآية مما يصدق على ذلك.

لأن العذاب كل ما مرّ (من المرارة) على النفس، وشق عليها، لا أن ذلك هو المراد من الآية. لنبوّه عن مقام التهويل، في شديد الوعيد، ولخفاء الكناية عن ذلك من جوهر اللفظ، ولعدم موافقته لنظائر الآية في هذا الباب- كما لا يخفى.

والظاهر أن السلف كانوا يتلون بعض الآيات في بعض المقامات، إشعار بأن معناها يحاكي تلك الواقعات، لا أنها نزلت في تلك القضيات. ومن ذلك قول أبيّ بن كعب، قال في هذه الآية: هن أربع خلال، كلهن واقع، منها ثنتان بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس وعشرين (ألبسوا شيعا) و (ذاق بعضهم بأس بعض) ، وبقيت اثنتان لا بد منهما الرجم والخسف- رواه «٣» الإمام أحمد وغيره- وقد أعلّ هذا الأثر بأن أبيّا لم يدرك خمس وعشرين من الوفاة النبوية، وكأن التقييد بذلك من كلام أبي العالية، رواية عنه. وبالجملة، فاستشهاد السلف بالآيات في بعض الشؤون، للإشعار المذكور- مما لا ينكر، فافهم ذلك، فإنه ينفعك في مواطن كثيرة.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنعام (٦) : آية ٦٦]]

وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ (٦٦)

قوله تعالى: وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ أي بالقرآن المجيد وَهُوَ الْحَقُّ أي الكتاب


(١) أخرجه الترمذي في: التفسير، ٦- سورة الأنعام، ٣- حدثنا الحسن بن عرفة. [.....]
(٢) الأثر رقم ١٣٣٤٩ من التفسير.
(٣) أخرجه في المسند ٥/ ١٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>