وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ أي: اطّلعوا عليها فعاينوها. يقال: وقف فلانا على ذنبه: أطلعه عليه. أو أدخلوها فعرفوا ما فيها من العذاب. يقال: وقفت على ما عند فلان، تريد: فهمته وتبينته. والوقف عليه مجازيّ، أو هو حقيقيّ بمعنى القيام.
و (على) إما على حقيقتها. أي: أقيموا واقفين فوق النار على الصراط، وهو جسر فوق جهنم. أو هي بمعنى (في) ، أي: أقيموا في جوف النار وغاصوا فيها، وهي محيطة بهم. وصحح معنى الاستعلاء حينئذ كون النار دركات وطبقات، بعضها فوق بعض.
فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ تمنوا الرجوع إلى الدنيا، حين لا رجوع، واعدين أن لا يكذبوا بما جاءهم، وأن يكونوا من المؤمنين، أي: بآياته، العاملين بمقتضاها، حتى لا نرى هذا الموقف الهائل. أو من فريق المؤمنين الناجين من العذاب، الفائزين بحسن المآب.
[تنبيه:]
جواب (لو) محذوف، تفخيما للأمر، وتعظيما للشأن، وجاز حذفه لعلم المخاطب به. وأشباهه كثيرة في القرآن والشعر. ولو قدرت الجواب. كان التقدير:
لرأيت سوء منقلبهم. وحذف الجواب في ذلك أبلغ في المعنى من إظهاره. ألا ترى أنك لو قلت لغلامك: والله! لئن قمت إليك. وسكت عن الجواب، ذهب بفكره إلى أنواع المكروه من الضرب والقتل والكسر، وعظم الخوف، ولم يدر أيّ الأقسام تبغي.
ولو قلت: لأضربنك، فأتيت بالجواب لأمن غير الضرب، ولم يخطر بباله نوع من المكروه سواه. فثبت أن حذف الجواب أقوى تأثيرا في حصول الخوف- أفاده الرازيّ- وملخصه: أن حذف الجواب ثقة بظهوره، وإيذانا بقصور العبارة عن تفصيله.