قال السيوطي في (الإكليل) : استدل به بعضهم على أن المباح مأمور به، لأنه من جملة ما أنزل الله، وقد أمرنا الله باتباعه- انتهى-.
وأقول: هذا غلوّ في الاستنباط، وتعمق بارد. ويرحم الله القائل: إذا اشتد البياض صار برصا.
وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ أي لا تتبعوا أولياء غيره تعالى، من الجن والإنس.
فيحملوكم على عبادة الأوثان والأهواء والبدع قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ أي ما تتعظون إلا قليلا، حيث لا تتأثرون ولا تعملون بموجبه، وتتركون دينه تعالى، وتتبعون غيره. ثم حذرهم تعالى بأسه، إن لم يتبعوا المنزل إليهم، بقوله سبحانه:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأعراف (٧) : الآيات ٤ الى ٥]
وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أي أردنا إهلاكها بسبب مخالفة المنزل إليهم فَجاءَها بَأْسُنا أي: فجاء أهلها عذابنا بَياتاً أي بائتين. كقوم لوط. والبيتوتة:
الدخول في الليل، أي ليلا قبل أن يصبحوا أَوْ هُمْ قائِلُونَ أي قائلين نصف النهار، كقوم شعيب. والمعنى: فجاءها بأسنا غفلة، وهم غير متوقعين له. ليلا وهم نائمون، أو نهارا وهم قائلون وقت الظهيرة. وكل ذلك وقت الغفلة. والمقصود أنه جاءهم العذاب على حين غفلة منهم، من غير تقدم أمارة تدلهم على وقت نزول العذاب، وفيه وعيد وتخويف للكفار. كأنه قيل لهم: لا تغتروا بأسباب الأمن والراحة، فإن عذاب الله إذا نزل، نزل دفعة واحدة. ونظير هذه الآية قوله تعالى: أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ [الأعراف: ٩٧- ٩٨] ؟ ثم تأثر تعالى عذابهم الدنيوي ببيان عذابهم الأخروي، بقوله سبحانه: