يمجد تعالى نفسه بقوله سُبْحانَ وينزه ذاته العلية عما لا يليق بجلاله، ويعظم شأنه لقدرته على ما لا يقدر عليه أحد سواه فلا إله غيره. وقوله تعالى الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أي سيّره منه ليلا. و (أسرى) بمعنى (سرى) يقال: أسراه وأسرى به وسرى به. فهمزة (أسرى) ليست للتعدية. ولذا عدي بالباء.
وفرق بعضهم بين أسرى وسرى بالمبالغة في (أسرى) لإفادة السرعة في السير ولذا أوثر على (سرى) .
والإسراء سير الليل كله، كأسرى، فقوله تعالى لَيْلًا للتأكيد أو للتجريد عن بعض القيود. مثل: أسعفت مرامه. مع أن الإسعاف قضاء الحاجة. أو للتنبيه على أنه المقصود بالذكر. وقد استظهره الناصر في (الانتصاف) قال: ونظيره في إفراد أحد ما دل عليه اللفظ المتقدم مضمونا لغيره، قوله تعالى: لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ، إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ [النحل: ٥١] . فالاسم الحامل للتثنية دال عليها وعلى الجنسية، وكذلك المفرد. فأريد التنبيه على أن أحد المعنيين، وهو التثنية، مراد مقصود، وكذلك أريد الإيقاظ، لأن الوحدانية هي المقصودة في قوله إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ ولو اقتصر على قوله إِنَّما هُوَ إِلهٌ لأوهم أن المهم إثبات الإلهية له. والغرض من الكلام ليس إلا إثبات الوحدانية.
وقيل سرّ قوله لَيْلًا إفادة تقليل الوقت الذي كان الإسراء والرجوع فيه. أي أنه كان في بعض الليل أخذا من تنكيره. فقد نقل عن سيبويه أن الليل والنهار إذا