الحروب على بلادهم، إلى أن صاروا جميعا تحت سلطة الرومان، بعد ولادة عيسى عليه السلام بإحدى وسبعين سنة، واستؤصلوا من أرضهم، وتفرقوا في البلاد شذر مذر، صاغرين مقهورين. ومن هاهنا، استدل من استدل بأنهم لا يكون لهم دولة ولا عز، وباتصال ذلهم. إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقابِ لمن أقام على كفره، ونبذ وصاياه وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ أي لمن تاب وآمن وعمل صالحا.
وَقَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً أي فرقنا بني إسرائيل في الأرض، وجعلنا كل فرقة منهم في قطر من أقطارها، بحث لا تخلو ناحية منها، منهم، تكملة لإدبارهم، حتى لا تكون لهم شوكة مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذلِكَ أي من ينحط عن درجة الصلاح، لكفر أو فسق وَبَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَالسَّيِّئاتِ أي النعم والنقم التي هي أمثلة أجزاء الصلاح والفسق لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ أي عن أسباب السيئات إلى الحسنات.
فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ أي من بعد هؤلاء المذكورين خَلْفٌ أي بدل سوء.
والمراد بهم الذين كانوا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلّم. (والخلف) مصدر، ولذا يوصف به المفرد وغيره، وقد شاع في الطالح، ومفتوح اللام ب (الصالح) ، وربما جاء عكسه وَرِثُوا الْكِتابَ أي التوراة من أسلافهم المختلفين، يقرءونها ويقفون على ما فيها من الأوامر والنواهي، والتحليل والتحريم، ولا يعملون بها كما قال: يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى أي حطام هذا الشيء الأدنى، يريد الدنيا، وما يتمتع به منها. وفي قوله هذَا الْأَدْنى تخسيس وتحقير. و (العرض) بفتح الراء، ما لا ثبات له، ومنه استعار