للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بيع زوجها. حيث قال بعد ذلك: وروى عوف عن الحسن بيع الأمة طلاقها وبيعه طلاقها. فهذا قول هؤلاء من السلف. وحجتهم عموم الاستثناء في قوله تعالى: إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ والجمهور على أن بيع الأمة ليس طلاقها لها. واحتجوا بحديث بريرة المخرّج في الصحيحين «١» وغيرهما. فإن عائشة أم المؤمنين اشترتها وأعتقتها ولم ينفسخ نكاحها من زوجها مغيث. بل خيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الفسخ والبقاء، فاختارت الفسخ، وقصتها مشهورة. فلو كان بيع الأمة طلاقها لما خيرت. وتخييرها دال على أن المراد من الآية المسبيات فقط. وبالجملة، فالجمهور قصروا الآية على السبب الذي نزلت فيه.

قال الرازيّ: وهو يرجع إلى تخصيص عموم القرآن بخبر الواحد. أي وهو مقبول ومعمول به في غير ما موضع. كنصاب السرقة. وفي التنبيه الآتي زيادة لهذا فتأثره.

[فائدة:]

اتفق القراء على فتح الصاد في الْمُحْصَناتُ هنا. ويقرأ بالفتح والكسر في غير هذا الموضع. وكلاهما مشهور. فالفتح على أنهن أحصنّ بالأزواج أو بالإسلام.

والكسر على أنهن أحصن فروجهن أو أزواجهن. واشتقاق الكلمة من الإحصان وهو المنع كِتابَ اللَّهِ مصدر مؤكد. أي كتب الله عَلَيْكُمْ تحريم هؤلاء كتابا وفرضه فرضا، فالزموا كتابه ولا تخرجوا عن حدوده وشرعه وَأُحِلَّ لَكُمْ عطف على حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ إشارة إلى ما ذكر من المحرمات المعدودة. أي أحل لكم نكاح ما سواهن أَنْ تَبْتَغُوا مفعول له. أي أحل لكم إرادة أن تبتغوا.

أو بدل من (ما) أي ابتغاء النساء بِأَمْوالِكُمْ أي يصرفها إلى مهورهن مُحْصِنِينَ حال من فاعل (تبتغوا) والإحصان: العفة، وتحصين النفس عن الوقوع فيما يوجب اللوم غَيْرَ مُسافِحِينَ غير زانين، والسفاح الزنى والفجور. من السفح وهو الصبّ.

لأنه لا غرض للزاني إلّا سفح النطفة. وكان أهل الجاهلية، إذا خطب الرجل المرأة، قال: انكحيني. فإذا أراد الزنى قال: سافحيني. قال الزجاج: المسافحة أن تقيم امرأة مع رجل على الفجور من غير تزويج صحيح.


(١)
أخرجه البخاريّ في: الفرائض، ٢٢- باب إذا أسلم على يديه الرجل، حديث ٣٠٢ ونصه: عن عائشة رضي الله عنها قالت: اشتريت بريرة. فاشترط أهلها ولاءها. فذكرت ذلك للنبيّ صلى الله عليه وسلم فقال «أعتقيها فإن الولاء لمن أعطى الورق» . قالت: فأعتقتها. قالت فدعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فخيّرها في زوجها، فقالت: لو أعطاني كذا وكذا ما بت عنده. فاختارت نفسها.

<<  <  ج: ص:  >  >>