ونساءهم على العجل التي بعث بها فرعون، وصحبوا ماشيتهم وسرحهم، وهبطوا أرض مصر-
وروي أنهم كانوا سبعين نفسا
- وتقدمهم يهوذا إلى يوسف ليدله على أرض (جاسان) فينزلوها. ثم خرج يوسف في مركبته، فتلقى أباه في (جاسان) ولما ظهر له ألقى بنفسه على عنقه وبكى طويلا. والمراد بدخولهم على يوسف وصولهم لملتقاه خارج البلد، وبإيواء أبويه ضمهما إليه، واعتناقهما واصطحابه لهما في مركبه. قالوا: عنى بأبويه والده وخالته، لأن أمه راحيل توفيت وهي نفساء بأخيه بنيامين، وتنزيل الخالة منزلة الأم، لكونها مثلها في زوجة الأب، وقيامها مقامها وتوقيرها، كتنزيل العم منزلة الأب في قوله: وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ [البقرة: ١٣٣] .
وَقالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ أي من القحط وأصناف المكاره.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يوسف (١٢) : آية ١٠٠]]
وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ أي أجلسها معه على سرير ملكه تكريما لهما وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً أي سجد له أبوه وإخوته الباقون، وكانوا أحد عشر، تحية وتكرمة له. وكان السجود عندهم للكبير يجري مجرى التحية عندنا.
وَقالَ يا أَبَتِ هذا أي السجود تَأْوِيلُ أي تعبير رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ أي التي رأيتها أيام الصبا، وهي سجود أحد عشر كوكبا والشمس والقمر قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا أي صدقا مطابقا للواقع في الحسّ وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ أي نجاني من العبودية، وجعل الملك مطيعا لي مفوضا إليّ خزائن الأرض، وفي الاقتصار على التحدث بالخروج من السجن على جلالة ملكه، وفخامة شأنه من التواضع، وتذكر ما سلف من الضراء، استدامة للشكر، ما فيه من أدب النفس الباهر، وفيه إشارة إلى النعمة في الانطلاق من الحبس، لأنه كما قال عبد الملك بن العزيز، لما كان في حبس الرشيد: