[فصلت: ٥] . أي: فلا ذنب لنا: لأن قلوبنا خلقت بعيدة عن فهم ما يقول الأنبياء. وذلك سبب قتلهم ورد قولهم. وهذا بعد أن كانوا يقرون بهذا النبيّ الكريم ويشهدون له بالرسالة، وبأنه خاتم الأنبياء، ويصفونه بأشهر صفاته ويترقبون إتيانه. لا جرم ردّ الله عليهم بقوله، عطفا على ما تقديره (وقد كذبوا) لأنهم ولدوا على الفطرة كسائر الولدان. فلم تكن قلوبهم في الأصل غلفا بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ أي:
ليس كفرهم، وعدم وصول الحق إلى قلوبهم لكونها غلفا بحسب الجبلّة. بل الأمر بالعكس. حيث ختم الله عليها بسبب كفرهم. لأنه خلقها أولا على الفطرة متمكنة من اختيار الخير والشر. فلما أعرضوا بما هيأ قلوبهم له من قبول النقص عن الخير، واختاروا الشر باتباع شهواتهم الناشئة من نفوسهم، وتركوا ما تدعو إليه عقولهم، طبع سبحانه عليهم فجعلها قاسية محجوبة. ولذا سبب عنه قوله فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا منهم. كعبد الله بن سلام وأضرابه. أو: إلا إيمانا قليلا لا يعبأ به لتمرن قلوبهم على الكفر والطغيان.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ١٥٦]]
وَبِكُفْرِهِمْ أي: بعيسى عليه السلام. وهو عطف على (قولهم) وإعادة الجار لطول ما بينهما. وقد جوز عطفه على (بكفرهم) فيكون هو وما عطف عليه من أسباب الطبع. وقيل هذا المجموع معطوف على مجموع ما قبله. تكرير الكفر للإيذان بتكرر كفرهم. حيث كفروا بموسى ثم بعيسى ثم بمحمد عليهم الصلاة والسلام. كذا في أبي السعود وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً أي: مع قولهم الذي يجترءون به على مريم عليها السلام، بعد ظهور كراماتها وإرهاصات ولدها ومعجزاته، يبهتونها به.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ١٥٧]]