مصانعتهم الكافرين خوفا على أنفسهم منهم، إذا هم ظهروا على المؤمنين فاستأصلوهم. كما قال تعالى: فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ إلى قوله نادِمِينَ [المائدة: ٥٢] . أي: لن يسلط الله الكافرين على المؤمنين فيستأصلوهم بالكلية. وإن حصل لهم ظفر حينا مّا. أفاده ابن كثير وهذا التأويل روعي فيه سابق الآية ولا حقها، وأن السياق في (المنافقين) وهو جيد. ويقرب منه ما في تفسير ابن عباس من حمل (الكافرين) على يهود المدينة. ومن وقف مع عمومها، قال: المراد بالسبيل الحجة. وتسميتها (سبيلا) لكونها موصلا للغلبة. أو المراد: ما دام المؤمنون عاملين بالحق غير راضين بالباطل ولا تاركين للنهي عن المنكر. كما قال تعالى: وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ [الشورى: ٣٠] . قال: فلا يراد أنه قد يدال للكافرين.
[تنبيه:]
قد يستدل بهذه الآية على أن الكافر لا ينكح مؤمنة. وأنه لا يلي على مؤمنة في نكاح ولا سفر. وأن الكافر لا يشفع المؤمن. وهذا قول الهادي في (الأحكام) والنفس الزكية والراضي بالله. وروي مثله عن الحسن الشعبيّ وأحمد. وقال في (المنتخب) والمؤيد بالله والحنفية والشافعية: له الشفعة. لعموم أدلة الشفعة.
وبالقياس على رد المعيب فيما شرى من مسلم. ويستدل بأن المرتد تبين منه امرأته المسلمة. والخلاف: هل بنفس الردة كما يقول الحنفية، أو بانقضاء العدة كما يقول المؤيد بالله والشافعية؟ وكذلك بيع العبد المسلم من الذميّ. أجازه الحنفية ومنعه المؤيد والشافعية. لكن على الأول، يجبر على بيعه، فلا يستخدمه. قيل: والأمة مجمع على تحريم بيعها من الكافر إذا كانت مسلمة. ولا خلاف أن الآية مخصوصة بأمور. منها: الدّين يثبت للكافر على المؤمن. ومنها: أنه ينفق المؤمن على أبويه الكافرين ونحو ذلك. وإذا خص العموم فقد اختلف الأصوليون: هل تبقى دلالته على الباقي حقيقة أم مجازا؟ انتهى. وزاد بعض المفسرين: إن الكافر لا يرث المسلم. وإن المسلم لا يقتل بالذميّ.
[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ١٤٢]]