للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «ما يحل لنا من الميتة؟ قال: «ما طعامكم؟» قلنا: نصطبح ونغتبق! قال أبو نعيم: فسره لي عقبة: قدح غدوة وقدح عشية، قال: ذاك، وأبي! الجوع. فأحل لهم الميتة على هذه الحال» . تفرد به أبو داود.

وكأنهم كانوا يصطبحون ويغتبقون شيئا لا يكفيهم. فأحل لهم الميتة لتمام كفايتهم. وقد يحتج به من يرى جواز الأكل منها حتى يبلغ حدّ الشبع، ولا يتقيد ذلك بسدّ الرمق. والله أعلم.

وروى أبو داود «١» عن جابر بن سمرة أن رجلا نزل الحرّة ومعه أهله وولده.

«فقال رجل: إنّ ناقة لي ضلت. فإن وجدتها فأمسكها، فوجدها فلم يجد صاحبها فمرضت. فقالت له امرأته: أنحرها! فأبى، فنفقت، فقالت اسلخها حتى نقدد شحمها ولحمها ونأكله، فقال: حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأتاه، فسأله، فقال له:

هل عندك غنى يغنيك؟ قال: لا! قال: فكلوها! قال: فجاء صاحبها فأخبره الخبر فقال: هلا كنت نحرتها؟ قال: استحييت منك!» تفرد به.

وقد يحتج به من يجوّز الأكل والشبع والتزود منها مدة، يغلب على ظنه الاحتياج إليها. والله أعلم. أفاده ابن كثير. وقوله: (فنفقت) . أي ماتت. (من باب نصر وفرح) قال ابن برّي: أنشد ثعلب:

فما أشياء نشريها بمال ... فإن نفقت فأكسد ما تكون؟

[تنبيه:]

قال بعض المفسرين: ليس في هذه الآية بيان لتقديم أحدها. والفقهاء يقولون: يقدم الأخف تحريما، فميته المأكول على ميتة غيره. انتهى.

وفي (رحمة الأمة) أنّ المضطر إذا وجد ميتة وطعام الغير، ومالكه غائب، أنّ له أكله بشرط الضمان، دون الميتة. عند مالك وأكثر أصحاب الشافعيّ وجماعة من الحنفية. وعند أحمد وآخرين: يأكل الميتة.

قال ابن كثير: قد استدل بقوله تعالى: غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ من يقول بأنّ العاصي بسفره لا بترخص بشيء من رخص السفر، لأنّ الرخص لا تنال بالمعاصي.

والله أعلم.


(١) أخرجه أبو داود في: الأطعمة، ٣٦- باب في المضطر إلى الميتة، حديث ٣٨١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>