للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تفسير له غيرها، ولم نتكلف غير ذلك، فإنه غيب لا مجال للعقل في إدراكه، ونسأل الله تعالى العفو والعافية، ونعوذ به من أن نقول فيه وفي صفاته ما لم يخبرنا به هو أو رسوله عليه السّلام- انتهى كلام الجيلاني قدس سره-.

وروى أبو إسماعيل الأنصاري في (ذم الكلام وأهله) عن أبي زرعة الرازي، أنه سئل عن تفسير الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى فغضب وقال: تفسيره كما تقرأ، هو على عرشه، وعلمه في كل مكان، من قال غير هذا فعليه لعنة الله.

وأسند عن عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: سألت أبي وأبا زرعة عن مذهب أهل السنة في أصول الدين، وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار، وما يعتقدان من ذلك؟ فقالا: أدركنا العلماء في جميع الأمصار، حجازا وعراقا، ومصرا وشاما ويمنا. فكان من مذهبهم أن الله تبارك وتعالى على عرشه، بائن من خلقه، كما وصف نفسه، بلا كيف، أحاط بكل شيء علما.

[تنبيهات:]

الأول- في بطلان تأويل (استوى) : ب (استولى) :

قال الإمام عبد العزيز بن يحيى الكناني، صاحب الشافعي رحمهما الله تعالى، في كتاب (الرد على الجهمية) : زعمت الجهمية أن معنى استوى (استولى) من قول العرب: استوى فلان على مصر، يريدون استولى عليها. قال: فيقال له: هل يكون خلق من خلق الله أتت عليه مدة ليس بمستول عليه؟ فإذا قال لا، قيل له: فمن زعم ذلك فهو كافر، فيقال له: يلزمك أن تقول: إن العرش أتت عليه مدة ليس الله بمستول عليه، وذلك لأنه أخبر أنه سبحانه خلق العرش قبل خلق السموات والأرض، ثم استولى عليه بعد خلقهن، فيلزمك أن تقول: المدة التي كان العرش قبل خلق السموات والأرض ليس الله بمستول عليه فيها. ثم ذكر كلاما طويلا في تقرير العلوّ والاحتجاج عليه.

وقال ابن عرفة في كتاب (الرد على الجهمية) : حدثنا داود بن عليّ قال: كنا عند ابن الأعرابي، فأتاه رجل فقال: ما معنى قوله تعالى: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى؟ قال: هو على عرشه كما أخبر. فقال: يا أبا عبد الله! إنما معناه استولى.

فقال: اسكت. لا يقال: استولى على الشيء حتى يكون له فيه مضادّ، فأيهما غلب،

<<  <  ج: ص:  >  >>